للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَكِنْ نُظِّفَ الْمَسْجِدُ الْأَقْصَى يَوْمَئِذٍ مِمَّا كَانَ فِيهِ مِنَ الصُّلْبَانِ وَالرُّهْبَانِ وَالْخَنَازِيرِ، وَخُرِّبَتْ دُورٌ لِلدَّاوِيَّةِ وَكَانُوا قَدْ بَنَوْهَا غَرْبِيَّ الْمِحْرَابِ الْكَبِيرِ، وَاتَّخَذُوا الْمِحْرَابَ حَشًّا - لَعَنَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى - فَنُظِّفَ الْمَسْجِدُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ، وَأُعِيدَ إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ فِي الْأَيَّامِ الْإِسْلَامِيَّةِ وَالدَّوْلَةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ وَغُسِلَتِ الصَّخْرَةُ بِالْمَاءِ الطَّاهِرِ، وَأُعِيدَ غَسْلُهَا بِمَاءِ الْوَرْدِ الْفَاخِرِ، وَأُبْرِزَتْ لِلنَّاظِرِينَ، وَقَدْ كَانَتْ مَغْمُورَةً مَسْتُورَةً مَحْجُوبَةً عَنِ الزَّائِرِينَ، وَوُضِعَ الصَّلِيبُ الْمَنْصُوبُ عَنْ قُبَّتِهَا، وَعَادَتْ إِلَى حُرْمَتِهَا، وَقَدْ كَانَ الْفِرِنْجُ قَطَعُوا مِنْهَا قِطَعًا فَبَاعُوهَا إِلَى مُلُوكِ الْبُحُورِ بِزِنَتِهَا مِنَ الذَّهَبِ، فَتَعَذَّرَ اسْتِعَادَةُ مَا نَقَصَ مِنْهَا وَمَا ذَهَبَ.

وَقُبِضَ مِنَ الْفِرِنْجِ مَا كَانُوا بَذَلُوهُ عَنْ أَنْفُسِهِمْ مِنَ الْأَمْوَالِ، وَأَطْلَقَ السُّلْطَانُ خَلْقًا مِنْهُمْ مِنْ بَنَاتِ الْمُلُوكِ بِمَنْ مَعَهُنَّ مِنَ النِّسَاءِ وَالرِّجَالِ، وَوَقَعَتِ الْمُسَامَحَةُ فِي كَثِيرٍ مِنْهُمْ، وَشُفِعَ فِي أُنَاسٍ فَعُفِيَ عَنْهُمْ، وَفَرَّقَ السُّلْطَانُ جَمِيعَ مَا قَبَضَ مِنْهُمْ مِنَ الذَّهَبِ فِي الْعَسْكَرِ، وَلَمْ يَدَعْ مِنْهُ شَيْئًا مِمَّا يُقْتَنَى وَيُدَّخَرُ. وَكَانَ رَحِمَهُ اللَّهُ حَلِيمًا كَرِيمًا مِقْدَامًا شُجَاعًا رَحِيمًا، أَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يُجَدِّدَ رَحْمَتَهُ عَلَيْهِ، وَأَنْ يُقْبِلَ بِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ إِلَيْهِ.

[ذِكْرُ أَوَّلِ جُمُعَةٍ أُقِيمَتْ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ بَعْدَ فَتْحِهِ فِي الدَّوْلَةِ الصَّلَاحِيَّةِ]

لَمَّا نُزِّهَ الْبَيْتُ الْمُقَدَّسُ مِمَّا كَانَ فِيهِ مِنَ الصُّلْبَانِ وَالنَّوَاقِيسِ، وَالرُّهْبَانِ وَالْخَنَازِيرِ وَالْقَسَاقِيسِ، وَدَخَلَهُ أَهْلُ الْإِيمَانِ، وَنُودِيَ بِالْأَذَانِ وَهَرَبَ الشَّيْطَانُ وَقُرِئَ الْقُرْآنُ،

<<  <  ج: ص:  >  >>