للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عُثْمَانَ بْنِ صَلَاحِ الدِّينِ، فَبَعَثُوا اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا يُنَادُونَ فِي اللَّيْلِ: يَا لَعَلِيٍّ، يَا لَعَلِيٍّ. بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعَامَّةَ تُجِيبُهُمْ إِلَى مَا عَزَمُوا عَلَيْهِ، فَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَيْهِمْ أَحَدٌ وَلَا مَنَعَهُمْ مِنَ النَّاسِ أَحَدٌ فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ انْهَزَمُوا فَأُدْرِكُوا وَأُخِذُوا وَقُيِّدُوا وَحُبِسُوا، وَلَمَّا بَلَغَ أَمْرُهُمْ إِلَى السُّلْطَانِ صَلَاحِ الدِّينِ سَاءَهُ ذَلِكَ وَاهْتَمَّ لَهُ، وَكَانَ الْفَاضِلُ عِنْدَهُ بَعْدُ لَمْ يُفَارِقْهُ، فَقَالَ لَهُ: أَيُّهَا الْمَلِكُ يَنْبَغِي أَنْ تَفْرَحَ وَلَا تَحْزَنَ، فَإِنَّهُ لَمْ يُصْغِ إِلَى دَعْوَةِ هَؤُلَاءِ الْجَهَلَةِ أَحَدٌ مِنْ رَعِيَّتِكَ وَلَوِ الْتَفَتُوا إِلَيْهِمْ، فَلَوْ أَنَّكَ بَعَثْتَ مِنْ قِبَلِكَ جَوَاسِيسَ يَخْتَبِرُونَ رَعِيَّتَكَ لَسَرَّكَ مَا يَبْلُغُكَ عَنْهُمْ. فَسَرَّى ذَلِكَ عَنْهُ، وَرَجَعَ إِلَى قَوْلِهِ، وَلِهَذَا أَرْسَلَهُ إِلَى مِصْرَ ; لِيَكُونَ لَهُ عَيْنًا وَعَوْنًا مُعِينًا.

[مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ]

وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ مِنَ الْأَعْيَانِ:

الْأَمِيرُ الْكَبِيرُ سُلَالَةُ الْمُلُوكِ وَالسَّلَاطِينِ

الشَّيْزَرِيُّ مُؤَيَّدُ الدَّوْلَةِ أَبُو الْحَارِثِ وَأَبُو الْمُظَفَّرِ أُسَامَةُ بْنُ مُرْشِدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ مُقَلَّدِ بْنِ نَصْرِ بْنِ مُنْقِذٍ، أَحَدُ الشُّعَرَاءِ الْمَشْهُورِينَ وَالْأُمَرَاءِ الْمَشْكُورِينَ بَلَغَ مِنَ الْعُمْرِ سِتًّا وَتِسْعِينَ سَنَةً وَكَانَ عُمْرُهُ تَارِيخًا مُسْتَقِلًّا وَحْدَهُ وَكَانَتْ دَارُهُ بِدِمَشْقَ مَعْقِلًا لِلْفُضَلَاءِ وَمَنْزِلًا لِلْعُلَمَاءِ، وَلَهُ مِنَ الْأَشْعَارِ الرَّائِقَةِ وَالْمَعَانِي الْفَائِقَةِ شَيْءٌ كَثِيرٌ، وَلَدَيْهِ عِلْمٌ غَزِيرٌ، وَعِنْدَهُ جُودٌ وَفَضْلٌ كَبِيرٌ، وَقَدْ كَانَ مِنْ أَبْنَاءِ مُلُوكِ شَيْزَرَ ثُمَّ أَقَامَ بِدِيَارِ مِصْرَ مُدَّةً فِي أَيَّامِ الْفَاطِمِيِّينَ، ثُمَّ عَادَ إِلَى الشَّامِ وَقَدِمَ عَلَى الْمَلِكِ صَلَاحِ الدِّينِ فِي سَنَةِ سَبْعِينَ وَأَنْشَدَهُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>