[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ خَمْسِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ]
[مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ]
فِيهَا خَرَجَ الْخَلِيفَةُ الْمُقْتَفِي لِأَمْرِ اللَّهِ فِي تَجَمُّلٍ عَظِيمٍ إِلَى دَقُوقَا فَحَاصَرَهَا، فَخَرَجَ إِلَيْهِ أَهْلُهَا فَسَأَلُوهُ أَنْ يَرْحَلَ عَنْهُمْ ; فَإِنَّ أَهْلَهَا قَدْ هَلَكُوا بَيْنَ الْجَيْشَيْنِ، فَأَجَابَهُمْ، وَرَحَلَ عَنْهُمْ، وَعَادَ إِلَى بَغْدَادَ بَعْدَ شَهْرَيْنِ وَنِصْفٍ، ثُمَّ خَرَجَ نَحْوَ الْحِلَّةِ وَالْكُوفَةِ، وَالْجَيْشُ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَقَالَ لَهُ سُلَيْمَانُ شَاهْ: أَنَا وَلِيُّ عَهْدِ سَنْجَرَ، فَإِنْ قَرَّرْتَ لِي ذَلِكَ وَإِلَّا فَأَنَا كَأَحَدِ الْأُمَرَاءِ. فَوَعْدَهُ خَيْرًا، وَكَانَ يَحْمِلُ الْغَاشِيَةَ بَيْنَ يَدَيِ الْخَلِيفَةِ عَلَى كَاهِلِهِ، فَمَهَّدَ الْأُمُورَ وَوَطَّدَهَا، وَسَلَّمَ عَلَى مَشْهَدِ عَلِيٍّ إِشَارَةً بِأُصْبُعَيْهِ وَكَانَ قَدْ عَزَمَ عَلَى دُخُولِ الْمَشْهَدِ، فَنَهَاهُ الْوَزِيرُ ابْنُ هُبَيْرَةَ عَنْ ذَلِكَ كَأَنَّهُ خَافَ عَلَيْهِ مِنْ غَائِلَةِ الرَّوَافِضِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَفِيهَا افْتَتَحَ نُورُ الدِّينِ بَعْلَبَكَّ عَوْدًا عَلَى بَدْءٍ ; وَذَلِكَ أَنَّ نَجْمَ الدِّينِ كَانَ نَائِبًا عَلَى الْبَلَدِ وَالْقَلْعَةِ، فَسَلَّمَهُ إِلَى رَجُلٍ يُقَالُ لَهُ: الضَّحَّاكُ الْبِقَاعِيُّ. فَكَاتَبَ نَجْمُ الدِّينِ لِنُورِ الدِّينِ، وَلَمْ يَزَلْ نُورُ الدِّينِ يَتَلَطَّفُ حَتَّى أَخَذَ الْقَلْعَةَ أَيْضًا، وَاسْتَدْعَى بِنَجْمِ الدِّينِ إِلَيْهِ إِلَى دِمَشْقَ فَأَقْطَعُهُ إِقْطَاعًا، وَأَكْرَمَهُ مِنْ أَجْلِ أَخِيهِ أَسَدِ الدِّينِ ; فَإِنَّهُ كَانَتْ لَهُ الْيَدُ الطُّولَى فِي فَتْحِ دِمَشْقَ لِلْمَلِكِ الْعَادِلِ نُورِ الدِّينِ، وَجَعَلَ الْأَمِيرَ شَمْسَ الدَّوْلَةِ تُورَانْشَاهْ بْنَ نَجْمِ الدِّينِ شِحْنَةَ دِمَشْقَ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ جَعَلَ أَخَاهُ صَلَاحَ الدِّينِ يُوسُفَ هُوَ الشِّحْنَةَ، وَجَعَلَهُ مِنْ خَوَاصِّهِ لَا يُفَارِقُهُ حَضَرًا وَلَا سَفَرًا ; لِأَنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute