للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتٍّ وَخَمْسِينَ وَسِتِّمِائَةٍ]

[الْأَحْدَاثُ الْوَاقِعَةُ فِيهَا]

فِيهَا أَخَذَتِ التَّتَارُ بَغْدَادَ وَقَتَلُوا أَكْثَرَ أَهْلِهَا حَتَّى الْخَلِيفَةَ، وَانْقَضَتْ دَوْلَةُ بَنِي الْعَبَّاسِ مِنْهَا.

اسْتَهَلَّتْ هَذِهِ السَّنَةُ وَجُنُودُ التَّتَارِ قَدْ نَازَلَتْ بَغْدَادَ صُحْبَةَ الْأَمِيرَيْنِ اللَّذَيْنِ عَلَى مُقَدِّمَةِ عَسَاكِرِ سُلْطَانِ التَّتَارِ هُولَاكُوقَانَ، وَجَاءَتْ إِلَيْهِمْ أَمْدَادُ صَاحِبِ الْمَوْصِلِ يُسَاعِدُونَهُمْ عَلَى الْبَغَادِدَةِ وَمِيرَتُهُ وَهَدَايَاهُ وَتُحَفُهُ، وَكُلُّ ذَلِكَ خَوْفًا عَلَى نَفْسِهِ مِنَ التَّتَارِ، وَمُصَانَعَةً لَهُمْ، قَبَّحَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى، وَقَدْ سُتِرَتْ بَغْدَادُ، وَنُصِبَتْ فِيهَا الْمَجَانِيقُ وَالْعَرَّادَاتُ وَغَيْرُهَا مِنْ آلَاتِ الْمُمَانَعَةِ الَّتِي لَا تَرُدُّ مِنْ قَدَرِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى شَيْئًا، كَمَا وَرَدَ فِي الْأَثَرِ: (لَنْ يُغْنِيَ حَذَرٌ عَنْ قَدَرٍ) وَكَمَا قَالَ تَعَالَى: {إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاءَ لَا يُؤَخَّرُ} [نوح: ٤] وَقَالَ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ} [الرعد: ١١] .

وَأَحَاطَ التَّتَارُ بِدَارِ الْخِلَافَةِ يَرْشُقُونَهَا بِالنُّشَّابِ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ، حَتَّى أُصِيبَتْ جَارِيَةٌ كَانَتْ تَلْعَبُ بَيْنَ يَدَيِ الْخَلِيفَةِ وَتُضْحِكُهُ، وَكَانَتْ مِنْ جُمْلَةِ الْحَظَايَا، وَكَانَتْ مُوَلَّدَةً تُسَمَّى عَرَفَةَ،

<<  <  ج: ص:  >  >>