صِهْرِيجٍ، وَكَانَتْ صَفَائِحُ الْقُبَّةِ وَسَقْفُ الْأَقْصَى مِنْ صَفَائِحِ الذَّهَبِ عِوَضَ الرَّصَاصِ، وَكَذَلِكَ أَبْوَابُ الْقُبَّةِ صَفَائِحُهَا، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا كَمَلَ الْبِنَاءُ فَضَلَ مِنَ الْمَالِ ثَلَاثُمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ، وَقِيلَ سِتُّمِائَةِ أَلْفٍ. وَكَتَبَ رَجَاءُ بْنُ حَيْوَةَ، وَيَزِيدُ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ يُعَرِّفَانِهِ بِذَلِكَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِمَا: قَدْ جَعَلْتُهُ لَكُمَا عِوَضًا عَنْ تَعَبِكُمَا. فَكَتَبَا إِلَيْهِ: إِنَّمَا قُمْنَا بِهَذَا الْبَيْتِ لِلَّهِ تَعَالَى، فَلَا نَقْبَلُ عَلَى ذَلِكَ عَرَضَ الدُّنْيَا، وَلَوَدِدْنَا أَنْ نَزِيدَ فِيهِ مِنْ حَلْيِ نِسَائِنَا. فَكَتَبَ إِلَيْهِمْ إِذَا أَبَيْتُمْ ذَلِكَ فَأَفْرِغَاهُ عَلَى الْقُبَّةِ وَالْأَبْوَابِ، فَمَا كَانَ أَحَدٌ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَتَأَمَّلَ الْقُبَّةَ مِمَّا عَلَيْهَا مِنَ الذَّهَبِ. فَلَمَّا كَانَ فِي خِلَافَةِ أَبِي جَعْفَرٍ الْمَنْصُورِ قَدِمَ الْقُدْسَ سَنَةَ أَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ فَوَجْدَ الْأَقْصَى وَقِبَابُهُ تَشْكُو مِنَ الْخَرَابِ، فَأَمَرَ بِقَلْعِ الصَّفَائِحِ الَّتِي عَلَى الْقُبَّةِ وَالْأَبْوَابِ، وَأَنْ يُعَمَّرَ بِهَا مَا تَشَعَّثَ فِي الْحَرَمِ، فَفَعَلُوا ذَلِكَ، وَكَانَ الْمَسْجِدُ طَوِيلًا فَأَمَرَ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْ طُولِهِ وَيُزَادَ فِي عَرْضِهِ، وَلَمَّا كَمَلَ الْبِنَاءُ كَتَبُوا عَلَى الْقُبَّةِ مِمَّا يَلِي الْبَابَ الْقِبْلِيَّ مِنْ جِهَةِ الْأَقْصَى بِالنَّصِّ بَعْدَ الْبَسْمَلَةِ: بَنَى هَذِهِ الْقُبَّةَ عَبْدُ اللَّهِ عَبْدُ الْمَلِكِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ مِنَ الْهِجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ، وَكَانَ طُولُ الْمَسْجِدِ مِنَ الْقِبْلَةِ إِلَى الشَّمَالِ سَبْعَمِائَةٍ وَخَمْسَةٍ وَسِتِّينَ ذِرَاعًا، وَعَرَضُهُ أَرْبَعَمِائَةٍ وَسِتِّينَ ذِرَاعًا، وَكَانَ فَتْحُ الْقُدْسِ سَنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعٍ وَسِتِّينَ]
[مَقْتَلُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ]
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعٍ وَسِتِّينَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute