للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدَّوْلَةِ، أَحَدُ الْأُمَرَاءِ الشُّجْعَانِ، وَالْمُلُوكِ الْكَثِيرِي الْإِحْسَانِ، عَلَى مَا كَانَ فِيهِ مِنْ تَشَيُّعٍ، وَقَدْ مَلَكَ دِمَشْقَ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ، وَاتَّفَقَ لَهُ أَشْيَاءُ غَرِيبَةٌ; مِنْهَا أَنَّ خَطِيبَهُ كَانَ مُصَنِّفَ «الْخُطَبِ النَّبَاتِيَّةِ» أَحَدَ الْفُصَحَاءِ الْبُلَغَاءِ، وَشَاعِرَهُ الْمُتَنَبِّي، وَمُطْرِبَهُ أَبُو نَصْرٍ الْفَارَابِيُّ. وَكَانَ كَرِيمًا جَوَّادًا مُعْطِيًا لِلْجَزِيلِ.

وَمِنْ شَعْرِهِ فِي أَخِيهِ نَاصِرِ الدَّوْلَةِ صَاحِبِ الْمَوْصِلِ:

رَضِيتُ لَكَ الْعَلْيَا وَقَدْ كُنْتَ أَهْلَهَا … وَقُلْتُ لَهُمْ بَيْنِي وَبَيْنَ أَخِي فَرْقُ

وَمَا كَانَ لِي عَنْهَا نُكُولٌ وَإِنَّمَا … تَجَاوَزْتُ عَنْ حَقِّي فَتَمَّ لَكَ الْحَقُّ

أَمَا كُنْتَ تَرْضَى أَنْ أَكُونَ مُصَلِّيًا … إِذَا كُنْتُ أَرْضَى أَنْ يَكُونَ لَكَ السَّبْقُ

وَلَهُ أَيْضًا:

قَدْ جَرَى فِي دَمْعِهِ دَمُهُ … فَإِلَى كَمْ أَنْتَ تَظْلِمُهُ

رُدَّ عَنْهُ الطَّرْفَ مِنْكَ فَقَدْ … جَرَحَتْهُ مِنْكَ أَسْهُمُهُ

كَيْفَ يَسْتَطِيعُ التَّجَلُّدَ مَنْ … خَطَرَاتُ الْوَهْمِ تُؤْلِمُهُ

وَكَانَ سَبَبَ مَوْتِهِ الْفَالِجُ، وَقِيلَ: عُسْرُ الْبَوْلِ. وَتُوفِّيَ بِحَلَبَ، وَحُمِلَ تَابُوتُهُ إِلَى مَيَّافَارِقِينَ فَدُفِنَ بِهَا وَعُمُرُهُ ثَلَاثٌ وَخَمْسُونَ سَنَةً، وَقَامَ بِمُلْكِ حَلَبَ مِنْ بَعْدِهِ وَلَدُهُ سَعْدُ الدَّوْلَةِ أَبُو الْمَعَالِي شَرِيفٌ، ثُمَّ تَغَلَّبَ عَلَيْهِ مَوْلَى أَبِيهِ قَرْعُوَيْهِ، فَأَخْرَجَهُ مِنْ حَلَبَ إِلَى أُمِّهِ بِمَيَّافَارِقِينَ، ثُمَّ عَادَ إِلَيْهَا كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>