[ذِكْرُ وَفَاتِهِ وَتَرْجَمَتِهِ رَحِمَهُ اللَّهُ]
هُوَ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ بْنِ أَبِي الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ، أَبُو الْوَلِيدِ الْقُرَشِيُّ الْأُمَوِيُّ الدِّمَشْقِيُّ، أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ. وَأَمَّهُ أُمُّ هِشَامٍ بِنْتُ هِشَامِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْمَخْزُومِيِّ وَكَانَتْ دَارُهُ بِدِمَشْقَ عِنْدَ بَابِ الْخَوَّاصِينَ وَبَعْضُهَا الْيَوْمَ مَدْرَسَةُ نُورِ الدِّينِ الشَّهِيدِ الَّتِي يُقَالُ لَهَا: النُّورِيَّةُ الْكَبِيرَةُ. وَتُعْرَفُ بِدَارِ الْقَبَّابِينَ يَعْنِي الَّذِينَ يَبِيعُونَ الْقِبَابَ. وَهِيَ الْخِيَامُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَدْ بُويِعَ لَهُ بِالْخِلَافَةِ بَعْدَ أَخِيهِ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بِعَهْدٍ مِنْهُ إِلَيْهِ، وَذَلِكَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ لِأَرْبَعٍ بَقِينَ مِنْ شَعْبَانَ سَنَةَ خَمْسٍ وَمِائَةٍ، وَكَانَ لَهُ مِنَ الْعُمْرِ يَوْمَئِذٍ أَرْبَعٌ وَثَلَاثُونَ سَنَةً، وَكَانَ جَمِيلًا أَبْيَضَ أَحْوَلَ، يُخَضِّبُ بِالسَّوَادِ، وَهُوَ الرَّابِعُ مِنْ وَلَدِ عَبْدِ الْمَلِكِ لِصُلْبِهِ الَّذِينَ وُلُّوا الْخِلَافَةَ، وَقَدْ كَانَ عَبْدُ الْمَلِكِ رَأَى فِي الْمَنَامِ كَأَنَّهُ بَالَ فِي الْمِحْرَابِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، فَدَسَّ إِلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ مَنْ سَأَلَهُ عَنْهَا، فَفَسَّرَهَا لَهُ بِأَنَّهُ يَلِي الْخِلَافَةَ مِنْ وَلَدِهِ أَرْبَعَةٌ، فَوَقَعَ ذَلِكَ، فَكَانَ هِشَامٌ آخِرَهُمْ، وَكَانَ فِي خِلَافَتِهِ حَازِمَ الرَّأْيِ، جَمَّاعًا لِلْأَمْوَالِ يُبَخَّلُ، وَكَانَ ذَكِيًّا مُدَبِّرًا، لَهُ بَصَرٌ بِالْأُمُورِ جَلِيلِهَا وَحَقِيرِهَا، وَكَانَ فِيهِ حِلْمٌ وَأَنَاةٌ، شَتَمَ مَرَّةً رَجُلًا مِنَ الْأَشْرَافِ، فَقَالَ: أَتَشْتُمُنِي وَأَنْتَ خَلِيفَةُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ؟ فَاسْتَحْيَا وَقَالَ: اقْتَصَّ مِنِّي بَدَلَهَا. أَوْ قَالَ: بِمِثْلِهَا. فَقَالَ: إِذَنْ أَكُونُ سَفِيهًا مِثْلَكَ. قَالَ: فَخُذْ عِوَضًا مِنْهَا. قَالَ: لَا أَفْعَلُ. قَالَ: فَاتْرُكْهَا لِلَّهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute