للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا يُمَكِّنُ أَحَدُهُمَا الْفِرَارَ مِنَ الْآخَرِ، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، وَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ دَأْبُهُمْ حَتَّى أَصْبَحَ النَّاسُ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَهُمْ كَذَلِكَ، وَصَلَّى النَّاسُ الصُّبْحَ إِيمَاءً وَهُمْ فِي الْقِتَالِ حَتَّى تَضَاحَى النَّهَارُ وَأَقْبَلَ النَّصْرُ، وَتُوَجَّهَ النَّصْرُ لِأَهْلِ الْعِرَاقِ عَلَى أَهْلِ الشَّامِ ; وَذَلِكَ أَنَّ الْأَشْتَرَ النَّخَعِيَّ صَارَتْ إِلَيْهِ إِمْرَةُ الْمَيْمَنَةِ - وَكَانَ مِنَ الشُّجْعَانِ الْأَبْطَالِ الَّذِينَ يَعْرِفُونَ الْحُرُوبَ وَلَا يَهَابُونَ الْقَتْلَ - فَحَمَلَ بِمَنْ فِيهَا عَلَى أَهْلِ الشَّامِ، وَتَبِعَهُ عَلِيٌّ فَانْفَضَّتْ غَالِبُ صُفُوفِ أَهْلِ الشَّامِ، وَلَمْ يَبْقَ إِلَّا الْهَزِيمَةُ وَالْكَسْرَةُ وَالْفِرَارُ.

[ذِكْرُ رَفْعِ أَهْلِ الشَّامِ الْمَصَاحِفَ مَكْرًا مِنْهُمْ بِأَهْلِ الْعِرَاقِ وَخَدِيعَةً]

فَعِنْدَ ذَلِكَ رَفَعَ أَهْلُ الشَّامِ الْمَصَاحِفَ فَوْقَ الرِّمَاحِ، وَقَالُوا: هَذَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ، قَدْ فَنِيَ النَّاسُ فَمَنْ لِلثِّغُورِ؟ وَمَنْ لِجِهَادِ الْمُشْرِكِينَ وَالْكُفَّارِ؟

وَذَكَرَ ابْنُ جَرِيرٍ وَغَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ التَّارِيخِ، أَنَّ الَّذِي أَشَارَ بِرَفْعِ الْمَصَاحِفِ هُوَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ، وَذَلِكَ لَمَّا رَأَى أَنَّ أَهْلَ الْعِرَاقِ قَدْ ظَهَرُوا وَانْتَصَرُوا، أَحَبَّ أَنْ يَنْفَصِلَ الْحَالُ، وَأَنْ يَتَأَخَّرَ الْأَمْرُ، فَإِنَّ كُلًّا مِنَ الْفَرِيقَيْنِ صَابِرٌ لِلْآخَرِ، وَالنَّاسُ

<<  <  ج: ص:  >  >>