يَتَفَانَوْنَ، فَقَالَ لِمُعَاوِيَةَ: إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ أَمْرًا لَا يَزِيدُنَا إِلَّا اجْتِمَاعًا، وَلَا يَزِيدُ أَهْلَ الْعِرَاقِ إِلَّا تَفَرُّقًا وَاخْتِلَافًا، أَرَى أَنْ نَرْفَعَ الْمَصَاحِفَ وَنَدْعُوَهُمْ إِلَيْهَا، فَإِنْ أَجَابُوا كُلُّهُمْ إِلَى ذَلِكَ بَرَدَ الْقِتَالُ هَذِهِ السَّاعَةَ، وَإِنِ اخْتَلَفُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ - بِأَنْ يَقُولَ بَعْضُهُمْ: نُجِيبُهُمْ. وَبَعْضُهُمْ: لَا نُجِيبُهُمْ. فَشِلُوا وَذَهَبَتْ رِيحُهُمْ.
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ سِياهٍ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، قَالَ: أَتَيْتُ أَبَا وَائِلٍ فِي مَسْجِدِ أَهْلِهِ أَسْأَلُهُ عَنْ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ الَّذِينَ قَتَلَهُمْ عَلِيٌّ بِالنَّهْرَوَانِ، فِيمَ اسْتَجَابُوا لَهُ وَفِيمَ فَارَقُوهُ، وَفِيمَ اسْتَحَلَّ قِتَالَهُمْ؟ فَقَالَ: كُنَّا بِصِفِّينَ، فَلَمَّا اسْتَحَرَّ الْقَتْلُ بِأَهْلِ الشَّامِ اعْتَصَمُوا بِتَلٍّ، فَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ لِمُعَاوِيَةَ: أَرْسَلَ إِلَى عَلِيٍّ بِمُصْحَفٍ فَادْعُهُ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ فَإِنَّهُ لَنْ يَأْبَى عَلَيْكَ. فَجَاءَ بِهِ رَجُلٌ فَقَالَ: بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ كِتَابُ اللَّهِ {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ} [آل عمران: ٢٣] فَقَالَ عَلِيٌّ: نَعَمْ، أَنَا أَوْلَى بِذَلِكَ، بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ كِتَابُ اللَّهِ. قَالَ فَجَاءَتْهُ الْخَوَارِجُ - وَنَحْنُ نَدْعُوهُمْ يَوْمَئِذٍ الْقُرَّاءَ - وَسُيُوفُهُمْ عَلَى عَوَاتِقِهِمْ، فَقَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا تَنْتَظِرُ بِهَؤُلَاءِ الْقَوْمِ الَّذِينَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute