[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ]
[مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ]
وَفِيهَا جَرَتْ كَائِنَةٌ غَرِيبَةٌ، وَمُصِيبَةٌ عَظِيمَةٌ، وَهِيَ أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْمِصْرِيِّينَ مِنْ أَصْحَابِ الْحَاكِمِ اتَّفَقَ مَعَ جَمَاعَةٍ مِنَ الْحُجَّاجِ الْمِصْرِيِّينَ عَلَى أَمْرِ سَوْءٍ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ وَهُوَ يَوْمُ النَّفْرِ الْأَوَّلِ طَافَ هَذَا الرَّجُلُ بِالْبَيْتِ، فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ جَاءَ لِيُقَبِّلَهُ، فَضَرَبَهُ بِدَبُّوسٍ كَانَ مَعَهُ ثَلَاثَ ضَرَبَاتٍ مُتَوَالِيَاتٍ، وَقَالَ: إِلَى مَتَى يُعْبَدُ هَذَا الْحَجَرَ؟ وَلَا مُحَمَّدٌ وَلَا عَلَيٌّ يَمْنَعُنِي مِمَّا أَفْعَلُهُ، فَإِنِّي أَهْدِمُ الْيَوْمَ هَذَا الْبَيْتَ، وَجَعَلَ يَرْتَعِدُ، فَاتَّقَاهُ أَكْثَرُ الْحَاضِرِينَ، وَتَأَخَّرُوا عَنْهُ ; وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ رَجُلًا طِوَالًا جَسِيمًا، أَحْمَرَ اللَّوْنِ، أَشْقَرَ الشَّعْرِ، وَعَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ جَمَاعَةٌ مِنَ الْفُرْسَانِ وُقُوفٌ لِيَمْنَعُوهُ مِمَّنْ أَرَادَهُ بِسُوءٍ، فَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ مَعَهُ خِنْجَرٌ، فَوَجَأَهُ بِهَا، وَتَكَاثَرَ عَلَيْهِ النَّاسُ، فَقَتَلُوهُ وَقَطَّعُوهُ قِطَعًا وَحَرَّقُوهُ، وَتَتَبَّعُوا أَصْحَابَهُ، فَقُتِلَ مِنْهُمْ جَمَاعَةٌ، وَنَهَبَتْ أَهْلُ مَكَّةَ رَكْبَ الْمِصْرِيِّينَ، وَتَعَدَّى النَّهْبُ إِلَى غَيْرِهِمْ أَيْضًا، وَجَرَتْ خَبْطَةٌ عَظِيمَةٌ وَفِتْنَةٌ كَبِيرَةٌ جِدًّا، ثُمَّ سَكَنَ الْحَالُ بَعْدَ أَنْ تُتُبِّعَ أُولَئِكَ النَّفَرُ الَّذِينَ تَمَالَئُوا عَلَى الْإِلْحَادِ فِي أَشْرَفِ الْبِلَادِ، غَيْرَ أَنَّهُ سَقَطَ مِنَ الْحَجَرِ ثَلَاثُ فِلَقٍ مِثْلُ الْأَظْفَارِ، وَبَدَا مَا تَحْتَهَا أَسْمَرَ يَضْرِبُ إِلَى صُفْرَةٍ، مُحَبَّبًا مِثْلَ الْخَشْخَاشِ، فَأَخَذَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute