للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[وَقْعَةُ قِنَّسْرِينَ]

لَمَّا فَتَحَ أَبُو عُبَيْدَةَ حِمْصَ بَعَثَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ إِلَى قِنَّسْرِينَ، فَلَمَّا جَاءَهَا ثَارَ إِلَيْهِ أَهْلُهَا وَمَنْ عِنْدَهُمْ مِنَ نَصَارَى الْعَرَبِ، فَقَاتَلَهُمْ خَالِدٌ فِيهَا قِتَالًا شَدِيدًا، وَقَتَلَ مِنْهُمْ خَلْقًا كَثِيرًا، فَأَمَّا مَنْ هُنَاكَ مِنَ الرُّومِ فَأَبَادَهُمْ، وَقَتَلَ أَمِيرَهُمْ مِينَاسَ، وَأَمَّا الْأَعْرَابُ فَإِنَّهُمُ اعْتَذَرُوا إِلَيْهِ بِأَنَّ هَذَا الْقِتَالَ لَمْ يَكُنْ عَنْ رَأْيِنَا، فَقَبِلَ مِنْهُمْ خَالِدٌ وَكَفَّ عَنْهُمْ، ثُمَّ خَلَصَ إِلَى الْبَلَدِ فَتَحَصَّنُوا فِيهِ، فَقَالَ لَهُمْ خَالِدٌ: إِنَّكُمْ لَوْ كُنْتُمْ فِي السَّحَابِ لَحَمَلَنَا اللَّهُ إِلَيْكُمْ أَوْ لَأَنْزَلَكُمْ إِلَيْنَا. وَلَمْ يَزَلْ بِهِمْ حَتَّى فَتَحَهَا اللَّهُ عَلَيْهِ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ. فَلَمَّا بَلَغَ عُمَرَ مَا صَنَعَهُ خَالِدٌ فِي هَذِهِ الْوَقْعَةِ قَالَ: يَرْحَمُ اللَّهُ أَبَا بَكْرٍ كَانَ أَعْلَمَ بِالرِّجَالِ مِنِّي، وَاللَّهِ إِنِّي لَمْ أَعْزِلْهُ عَنْ رِيبَةٍ، وَلَكِنْ خَشِيتُ أَنْ يُوكَلَ النَّاسُ إِلَيْهِ.

وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ تَقَهْقَرَ هِرَقْلُ بِجُنُودِهِ، وَارْتَحَلَ عَنْ بِلَادِ الشَّامِ إِلَى بِلَادِ الرُّومِ. هَكَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ. قَالَ: وَقَالَ سَيْفٌ: كَانَ ذَلِكَ فِي سَنَةِ سِتَّ عَشْرَةَ قَالُوا: وَكَانَ هِرَقْلُ كُلَّمَا حَجَّ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَخَرَجَ مِنْهَا يَقُولُ: عَلَيْكِ السَّلَامُ يَا سُورِيَّةُ تَسْلِيمَ مُوَدِّعٍ لَمْ يَقْضِ مِنْكِ وَطَرَهُ وَهُوَ عَائِدٌ. فَلَمَّا عَزَمَ عَلَى الرَّحِيلِ مِنَ الشَّامِ وَبَلَغَ الرُّهَاءَ، طَلَبَ مِنْ أَهْلِهَا أَنْ يَصْحَبُوهُ إِلَى الرُّومِ، فَقَالُوا: إِنَّ بَقَاءَنَا هَا هُنَا أَنْفَعُ لَكَ مِنْ رَحِيلِنَا مَعَكَ. فَتَرَكَهُمْ، فَلَمَّا وَصَلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>