للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّاسُ وَالْأَمِيرُ بِأَجْمَعِهِمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً إِلَى الْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ، فَزَارُوا وَعَادُوا سَالِمِينَ إِلَى بِلَادِهِمْ. وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ.

وَلَمَّا رَجَعَ هَذَانِ الْقَارِئَانِ رَتَّبَهُمَا وَلِيُّ الْأَمْرِ مَعَ أَبِي بَكْرِ بْنِ الْبُهْلُولِ - وَكَانَ مُقْرِئًا مُجِيدًا أَيْضًا - لِيُصَلُّوا بِالنَّاسِ صَلَاةَ التَّرَاوِيحِ فِي رَمَضَانَ، فَكَثُرَ الْجَمْعُ وَرَاءَهُمْ لِحُسْنِ تِلَاوَتِهِمْ، وَكَانُوا يَتَنَاوَبُونَ فِي الْإِمَامَةِ.

وَقَدْ قَرَأَ ابْنُ الْبُهْلُولِ يَوْمًا فِي جَامِعِ الْمَنْصُورِ قَوْلَهُ تَعَالَى: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ} [الحديد: ١٦] فَنَهَضَ إِلَيْهِ رَجُلٌ صُوفِيٌّ، وَهُوَ يَتَمَايَلُ، فَقَالَ: كَيْفَ قُلْتَ؟ فَأَعَادَ الْآيَةَ، فَقَالَ الصُّوفِيُّ: بَلَى وَاللَّهِ، وَسَقَطَ مَيِّتًا رَحِمَهُ اللَّهُ. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَكَذَلِكَ وَقَعَ لِأَبِي الْحَسَنِ بْنِ الْخَشَّابِ شَيْخِ ابْنِ الرَّفَّا، وَكَانَ تِلْمِيذًا لِأَبِي بَكْرِ بْنِ الْأَدَمِيِّ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهُ، وَكَانَ جَيِّدَ الْقِرَاءَةِ حَسَنَ الصَّوْتِ أَيْضًا، قَرَأَ ابْنُ الْخَشَّابِ لَيْلَةً فِي جَامِعِ الرُّصَافَةِ فِي الْإِحْيَاءِ هَذِهِ الْآيَةَ: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ} [الحديد: ١٦] فَتَوَاجَدَ رَجُلٌ صُوفِيٌّ، وَقَالَ: بَلَى وَاللَّهِ قَدْ آنَ. وَجَلَسَ وَبَكَى بُكَاءً طَوِيلًا، ثُمَّ سَكَتَ سَكْتَةً، فَحَرَّكُوهُ فَإِذَا هُوَ مَيِّتٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.

[مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ]

وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ:

الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، أَبُو عَلِيٍّ الْإِسْكَافِيُّ، وَيُلَقَّبُ بِالْمُوَفَّقِ

<<  <  ج: ص:  >  >>