[سَبَبُ مَسْكِ تَنْكِزَ]
لَمَّا كَانَ يَوْمُ الثُّلَاثَاءِ الرَّابِعَ وَالْعِشْرِينَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ جَاءَ الْأَمِيرُ طَشْتَمُرَ مِنْ صَفَدَ مُسْرِعًا، وَرَكِبَ جَيْشَ دِمَشْقَ مُلَبَّسًا، وَدَخَلَ نَائِبُ السَّلْطَنَةِ مِنْ قَصْرِهِ مُسْرِعًا إِلَى دَارِ السَّعَادَةِ، وَجَاءَ الْجَيْشُ فَوَقَفُوا عَلَى بَابِ النَّصْرِ، وَكَانَ أَرَادَ أَنْ يَلْبَسَ وَيُقَاتِلَ، فَعَذَلُوهُ فِي ذَلِكَ، وَقَالُوا: الْمَصْلَحَةُ فِي الْخُرُوجِ إِلَى السُّلْطَانِ سَامِعًا مُطِيعًا، فَخَرَجَ بِلَا سِلَاحٍ، فَلَمَّا بَرَزَ إِلَى ظَاهِرِ الْبَلَدِ، الْتَفَّ عَلَيْهِ الْفَخْرِيُّ وَغَيْرُهُ، وَأَخَذُوهُ وَذَهَبُوا بِهِ إِلَى نَاحِيَةِ الْكُسْوَةِ، فَلَمَّا كَانَ عِنْدَ قُبَّةِ يَلْبُغَا نَزَلُوا وَقَيَّدُوهُ وَحَظَايَاهُ مِنْ قَصْرِهِ، ثُمَّ رَكِبَ الْبَرِيدَ وَهُوَ مُقَيَّدٌ، وَسَارُوا بِهِ إِلَى السُّلْطَانِ، فَلَمَّا وَصَلَ أَمَرَ بِمَسِيرِهِ إِلَى الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ، وَسَأَلُوا عَنْ وَدَائِعِهِ فَأَقَرَّ بِبَعْضٍ، ثُمَّ عُوقِبَ حَتَّى أَقَرَّ بِالْبَاقِي، ثُمَّ قَتَلُوهُ وَدَفَنُوهُ بِالْإِسْكَنْدَرِيَّةِ، ثُمَّ نَقَلُوهُ إِلَى تُرْبَتِهِ بِدِمَشْقَ، رَحِمَهُ اللَّهُ، وَقَدْ جَاوَزَ السِّتِّينَ، وَكَانَ عَادِلًا مَهِيبًا، عَفِيفَ الْفَرْجِ وَالْيَدِ، وَالنَّاسُ فِي أَيَّامِهِ فِي غَايَةِ الرُّخْصِ وَالْأَمْنِ وَالصِّيَانَةِ، فَرَحِمَهُ اللَّهُ، وَبَلَّ بِالرَّحْمَةِ ثَرَاهُ.
وَلَهُ أَوْقَافٌ كَثِيرَةٌ; مِنْ ذَلِكَ مَرَسْتَانُ بِصَفَدَ، وَجَامِعٌ بِنَابُلُسَ وَعَجْلُونَ، وَجَامِعٌ بِدِمَشْقَ، وَدَارُ حَدِيثٍ بِالْقُدْسِ وَدِمَشْقَ، وَمَدْرَسَةٌ وَخَانَقَاهْ بِالْقُدْسِ، وَرِبَاطٌ وَسُوقٌ مَوْقُوفٌ عَلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى، وَفَتَحَ شُبَّاكًا فِي الْمَسْجِدِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute