وَبَيْنَ الدَّرَجَاتِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ.
قُلْتُ: وَمِمَّا يُقَوِّي هَذَا مَا رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ دَرَّاجٍ عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي قَوْلِهِ: وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ. قَالَ: «مَا بَيْنَ الْفِرَاشَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ». وَهَذَا أَشْبَهُ أَنْ يَكُونَ مَحْفُوظًا.
وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ، عَنْ كَعْبِ الْأَحْبَارِ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ قَالَ: مَسِيرَةُ أَرْبَعِينَ سَنَةً. يَعْنِي أَنَّ الْفُرُشَ فِي كُلِّ مَحَلٍّ وَمَوْطِنٍ مَوْجُودَةٌ مُهَيَّأَةٌ لِاحْتِمَالِ الِاحْتِيَاجِ إِلَيْهَا فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ فِيهَا سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ وَأَكْوَابٌ مَوْضُوعَةٌ وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ [الْغَاشِيَةِ: ١٢ - ١٦]. أَيِ النَّمَارِقُ وَهِيَ الْمَخَادُّ مَصْفُوفَةٌ فِي كُلِّ مَكَانٍ يَلِيقُ بِهَا، لِاحْتِمَالِ الِاحْتِيَاجِ إِلَيْهَا فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ، وَكَذَا الزَّرَابِيُّ، وَهِيَ الْبُسُطُ الْجِيَادُ الْمُفْتَخَرَةُ مَبْثُوثَةٌ هَاهُنَا، وَهَاهُنَا فِي أَمَاكِنِ الْمُسْتَنْزَهَاتِ مِنَ الْجَنَّةِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ [الرَّحْمَنِ: ٧٦] وَالْعَبَاقِرِيُّ: هِيَ عِتَاقُ الْبُسُطِ، أَيْ جِيَادُهَا وَخِيَارُهَا وَحِسَانُهَا وَهِيَ بُسُطُ الْجَنَّةِ لَا الدُّنْيَا، وَقَدْ خُوطِبَ الْعَرَبُ بِمَا هُوَ مَعْرُوفٌ عِنْدَهُمْ، وَفِي الْجَنَّةِ مَا هُوَ أَحْسَنُ وَأَجْمَلُ وَأَبْهَى وَأَسْنَى وَأَعْظَمُ مِمَّا فِي النُّفُوسِ، وَأَجَلُّ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ وَنَوْعٍ مِنْ أَصْنَافِ الْمَلَاذِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute