للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ نُودِيَ: يَا دَاوُدُ، مَجِّدْنِي بِذَلِكَ الصَّوْتِ الْحَسَنِ الرَّخِيمِ الَّذِي كُنْتَ تُمَجِّدُنِي بِهِ فِي دَارِ الدُّنْيَا. قَالَ: فَيَسْتَفْرِغُ صَوْتُ دَاوُدَ نَعِيمَ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ} [ص: ٤٠] .

[نَوْعٌ آخَرُ أَعْلَى مِمَّا عَدَاهُ]

وَهُوَ سَمَاعُهُمْ كَلَامَ الرَّبِّ، عَزَّ وَجَلَّ، إِذَا خَاطَبَهُمْ فِي الْمَجَامِعِ الَّتِي يَجْتَمِعُونَ فِيهَا بَيْنَ يَدَيْهِ سُبْحَانَهُ، فَيُخَاطِبُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ، وَيُذَكِّرُهُمْ بِأَعْمَالِهِ الَّتِي سَلَفَتْ مِنْهُ فِي الدُّنْيَا، وَكَذَلِكَ إِذَا تَجَلَّى لَهُمْ جَهْرَةً، فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ، وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: {سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ} [يس: ٥٨] . وَقَدْ سَبَقَ حَدِيثُ جَابِرٍ فِي ذَلِكَ، وَهُوَ فِي " سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ "، وَغَيْرِهِ.

وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو الشَّيْخِ الْأَصْبِهَانِيُّ، مِنْ طَرِيقِ صَالِحِ بْنِ حَيَّانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ قَالَ: إِنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ يَدْخُلُونَ كُلَّ يَوْمٍ عَلَى الْجَبَّارِ، جَلَّ جَلَالُهُ، فَيَقْرَأُ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ، وَقَدْ جَلَسَ كُلُّ امْرِئٍ مَجْلِسَهُ الَّذِي هُوَ مَجْلِسُهُ عَلَى مَنَابِرِ الدُّرِّ وَالْيَاقُوتِ وَالزَّبَرْجَدِ وَالذَّهَبِ وَالزُّمُرُّدِ، فَلَمْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُمْ بِشَيْءٍ، وَلَمْ يَسْمَعُوا شَيْئًا قَطُّ أَعْظَمَ وَلَا أَحْسَنَ مِنْهُ، ثُمَّ يَنْصَرِفُونَ إِلَى رِحَالِهِمْ بِأَعْيُنٍ قَرِيرَةٍ، وَأَعْيُنُهُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>