للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْأَحْوَالِ، وَلَكِنَّ لُطْفَ اللَّهِ عَظِيمٌ، فَإِنَّ النَّاسَ مُتَرَقِّبُونَ مَغَلًّا هَائِلًا لَمْ يُسْمَعْ بِمِثْلِهِ مِنْ مُدَّةِ سِنِينَ عَدِيدَةٍ، وَقَدِ اقْتَرَبَ أَوَانُهُ، وَشَرَعَ كَثِيرٌ مِنَ الْبِلَادِ فِي حَصَادِ الشَّعِيرِ وَبَعْضِ الْقَمْحِ، مَعَ كَثْرَةِ الْفُولِ وَبَوَادِرِ التُّوتِ، فَلَوْلَا ذَلِكَ لَكَانَ غَيْرَ ذَلِكَ، وَلَكِنْ لَطَفَ اللَّهُ بِعِبَادِهِ، وَهُوَ الْحَاكِمُ الْمُتَصَرِّفُ الْفَعَّالُ لِمَا يُرِيدُ، لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ.

[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ]

اسْتَهَلَّتْ هَذِهِ السَّنَةُ وَسُلْطَانُ الْمُسْلِمِينَ الْمَلِكُ النَّاصِرُ عِمَادُ الدُّنْيَا وَالدِّينِ إِسْمَاعِيلُ ابْنُ الْمَلِكِ النَّاصِرِ نَاصِرِ الدِّينِ مُحَمَّدٍ ابْنِ الْمَلِكِ الْمَنْصُورِ سَيْفِ الدِّينِ قَلَاوُونَ الصَّالِحِيُّ، وَنَائِبُهُ بِدِمَشْقَ الْأَمِيرُ سَيْفُ الدِّينِ طُقُزْدَمُرُ الْحَمَوِيُّ، وَقُضَاتُهُ بِهَا هُمُ الْمُتَقَدِّمُ ذِكْرُهُمْ، وَكَذَلِكَ الصَّاحِبُ، وَالْخَطِيبُ، وَنَاظِرُ الْجَامِعِ وَالْخِزَانَةِ، وَشَدُّ الْأَوْقَافِ، وَوِلَايَةُ الْمَدِينَةِ.

وَاسْتَهَلَّتْ وَالْجُيُوشُ الْمِصْرِيَّةُ وَالشَّامِيَّةُ مُحِيطَةٌ بِحِصْنِ الْكَرَكِ يُحَاصِرُونَهُ، وَيُبَالِغُونَ فِي أَمْرِهِ، وَالْمَنْجَنِيقُ مَنْصُوبٌ، وَأَنْوَاعُ آلَاتِ الْحِصَارِ كَثِيرَةٌ، وَقَدْ رُسِمَ بِتَجْرِيدَةٍ مِنْ مِصْرَ وَالشَّامِ أَيْضًا تَخْرُجُ إِلَيْهَا. وَفِي يَوْمِ الْخَمِيسِ عَاشِرِ صَفَرٍ دَخَلَتِ التَّجْرِيدَةُ مِنَ الْكَرَكِ إِلَى دِمَشْقَ، وَاسْتَمَرَّتِ التَّجْرِيدَةُ الْجَدِيدَةُ عَلَى الْكَرَكِ ; أَلْفَانِ مِنْ مِصْرَ وَأَلْفَانِ مِنَ الشَّامِ، وَالْمَنْجَنِيقُ مَنْقُوضٌ مَوْضُوعٌ عِنْدَ الْجَيْشِ خَارِجَ الْكَرَكِ، وَالْأُمُورُ مُتَوَقِّفَةٌ، وَبَرَدَ الْحِصَارُ بَعْدَ رُجُوعِ الْأَحْمَدِيِّ إِلَى مِصْرَ.

وَفِي يَوْمِ السَّبْتِ ثَانِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ تُوُفِّيَ السَّيِّدُ الشَّرِيفُ عِمَادُ الدِّينِ

<<  <  ج: ص:  >  >>