للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْخَشَّابُ بِالْكُوشَكِ فِي دَرْبِ السِّيرْجِيِّ جِوَارَ الْمَدْرَسَةِ الْعِزِّيَّةِ، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ ضُحًى بِالْجَامِعِ الْأُمَوِيِّ، وَدُفِنَ بِمَقَابِرِ بَابِ الصَّغِيرِ، وَكَانَ رَجُلًا شَهْمًا، كَثِيرَ الْعِبَادَةِ وَالْمَحَبَّةِ لِلسُّنَّةِ وَأَهْلِهَا، مِمَّنْ وَاظَبَ الشَّيْخَ تَقِيَّ الدِّينِ ابْنَ تَيْمِيَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَانْتَفَعَ بِهِ، وَكَانَ مِنْ جُمْلَةِ أَنْصَارِهِ وَأَعْوَانِهِ عَلَى الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَهُوَ الَّذِي بَعَثَهُ إِلَى صَيْدَنَايَا مَعَ بَعْضِ الْقِسِّيسِينَ، فَلَوَّثَ يَدَهُ بِالْعَذِرَةِ وَضَرَبَ اللَّحْمَةَ الَّتِي يُعَظِّمُونَهَا هُنَاكَ، وَأَهَانَهَا غَايَةَ الْإِهَانَةِ لِقُوَّةِ إِيمَانِهِ وَشَجَاعَتِهِ، رَحِمَهُ اللَّهُ وَإِيَّانَا.

وَفِي يَوْمِ الْخَمِيسِ سَابِعِهِ اجْتَمَعَ الصَّاحِبُ، وَمُشِدُّ الدَّوَاوِينِ، وَوَكِيلُ بَيْتِ الْمَالِ، وَمُشِدُّ الْأَوْقَافِ، وَمُبَاشِرُو الْجَامِعِ، وَمَعَهُمُ الْعَمَّالُونَ بِالنَّوْلِ وَالْمَعَاوِلِ; يَحْفُرُونَ إِلَى جَانِبِ السَّارِيَةِ عِنْدَ بَابِ مَشْهَدِ عَلِيٍّ تَحْتَ تِلْكَ الصَّخْرَةِ الَّتِي كَانَتْ هُنَاكَ، وَذَلِكَ عَنْ قَوْلِ رَجُلٍ جَاهِلٍ زَعَمَ أَنَّ هُنَاكَ مَالًا مَدْفُونًا، فَشَاوَرُوا نَائِبَ السَّلْطَنَةِ، فَأَمَرَهُمْ بِالْحَفْرِ، وَاجْتَمَعَ النَّاسُ وَالْعَامَّةُ، فَأَمَرَهُمْ فَأُخْرِجُوا، وَأُغْلِقَتْ أَبْوَابُ الْجَامِعِ كُلُّهَا لِيَتَمَكَّنُوا مِنَ الْحَفْرِ، ثُمَّ حَفَرُوا ثَانِيًا، وَثَالِثًا، فَلَمْ يَجِدُوا شَيْئًا إِلَّا التُّرَابَ الْمَحْضَ، وَاشْتَهَرَ هَذَا الْحَفِيرُ فِي الْبَلَدِ، وَقَصَدَهُ النَّاسُ لِلنَّظَرِ إِلَيْهِ، وَالتَّعَجُّبِ مِنْ أَمْرِهِ، وَانْفَصَلَ الْحَالُ عَلَى أَنْ حُبِسَ هَذَا الزَّاعِمُ لِهَذَا الْمُحَالِ، وَطُمَّ الْحَفِيرُ كَمَا كَانَ.

وَفِي يَوْمِ الِاثْنَيْنِ ثَامِنَ عَشَرَ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ قَدِمَ قَاضِي حَلَبَ نَاصِرُ الدِّينِ بْنُ الْخَشَّابِ عَلَى الْبَرِيدِ مُجْتَازًا إِلَى دِمَشْقَ، فَنَزَلَ بِالْعَادِلِيَّةِ الْكَبِيرَةِ، وَأَخْبَرَ أَنَّهُ صَلَّى

<<  <  ج: ص:  >  >>