للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَيْفُ الدِّينِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الْمَشْطُوبُ، فَالْتَقَوْا بِهِمْ فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ، وَاسْتَقَرَّتْ يَدُ الْمَلِكِ صَلَاحِ الدِّينِ عَلَى حِصْنِ رُعْبَانَ، وَقَدْ كَانَ مِمَّا عَوَّضَ بِهِ ابْنَ الْمُقَدَّمِ عَنْ بَعْلَبَكَّ وَكَانَ تَقِيُّ الدِّينِ عُمَرُ يَفْتَخِرُ بِهَذِهِ الْوَقْعَةِ، وَيَرَى أَنَّهُ قَدْ هَزَمَ عِشْرِينَ أَلْفًا، وَقِيلَ: ثَلَاثِينَ أَلْفًا بِثَمَانِمِائَةِ فَارِسٍ. وَكَانَ السَّبَبُ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ بَيَّتَهُمْ وَأَغَارَ عَلَيْهِمْ وَهُمْ غَارُّونَ، فَمَا لَبِثُوا أَمَامَهُ بَلْ فَرُّوا مُنْهَزِمِينَ عَنْ آخِرِهِمْ، فَأَكْثَرَ فِيهِمُ الْقَتْلَ، وَاسْتَحْوَذَ عَلَى جَمِيعِ مَا تَرَكُوهُ فِي خِيَامِهِمْ، وَيُقَالُ: إِنَّهُ كَسَرَهُمْ يَوْمَ كَسَرَ السُّلْطَانُ الْفِرِنْجَ بِمَرْجِ عُيُونٍ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[تَخْرِيبُ حِصْنِ بَيْتِ الْأَحْزَانِ]

ِ وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ صَفَدَ

ثُمَّ رَكِبَ السُّلْطَانُ فِي جَحَافِلِهِ إِلَى الْحِصْنِ الَّذِي كَانَتِ الْفِرِنْجُ قَدْ بَنَوْهُ فِي الْعَامِ الْمَاضِي وَحَفَرُوا فِيهِ بِئْرًا عَيْنًا مَعِينًا، وَسَلَّمُوهُ إِلَى الدَّاوِيَّةِ، فَقَصَدَهُ السُّلْطَانُ فَحَاصَرَهُ وَنَقَبَهُ مِنْ جَمِيعِ جِهَاتِهِ، وَأَلْقَى فِيهِ النِّيرَانَ فَجَعَلَهُ دَكَّا وَخَرَّبَهُ إِلَى الْأَسَاسِ، وَغَنِمَ جَمِيعَ مَا فِيهِ مِنَ الْحَوَاصِلِ، فَكَانَ فِيهِ مِائَةُ أَلْفِ قِطْعَةٍ مِنَ السِّلَاحِ، وَمِنَ الْمَأْكَلِ شَيْءٌ كَثِيرٌ، وَأَخَذَ مِنْهُ سَبْعَمِائَةِ أَسِيرٍ، فَقَتَلَ بَعْضًا وَأَرْسَلَ إِلَى دِمَشْقَ الْبَاقِينَ، ثُمَّ عَادَ إِلَى دِمَشْقَ مُؤَيَّدًا مَنْصُورًا، غَيْرَ أَنَّهُ مَاتَ مِنْ أُمَرَائِهِ عَشَرَةٌ بِسَبَبِ مَا نَالَهُمْ مِنَ الْحَرِّ وَالْوَبَاءِ فِي مُدَّةِ الْحِصَارِ، وَكَانَتْ أَرْبَعَةَ عَشَرَ يَوْمًا، وَعَادَ النَّاسُ إِلَى زِيَارَةِ مَشْهَدِ يَعْقُوبَ عَلَى عَادَتِهِمْ، وَقَدِ امْتَدَحَهُ الشُّعَرَاءُ فَقَالَ بَعْضُهُمْ:

<<  <  ج: ص:  >  >>