للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ أَرْبَعٍ وَسِتِّمِائَةٍ]

[مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ]

فِيهَا رَجَعَ الْحُجَّاجُّ إِلَى الْعِرَاقِ وَهُمْ يَدْعُونَ اللَّهَ، وَيَشْتَكُونَ إِلَى النَّاسِ مَا لَقَوْا مِنْ صَدْرَجَهَانَ الْبُخَارِيِّ الْحَنَفِيِّ، الَّذِي كَانَ قَدِمَ بَغْدَادَ فِي رِسَالَةٍ، فَاحْتَفَلَ بِهِ الْخَلِيفَةُ، وَخَرَجَ إِلَى الْحَجِّ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، فَضَيَّقَ عَلَى النَّاسِ فِي الْمِيَاهِ وَالْمِيرَةِ، فَمَاتَ نَحْوٌ مِنْ سِتَّةِ آلَافٍ مِنَ الْحَجِيجِ الْعِرَاقِيِّ بِسَبَبِهِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، وَكَانَ - فِيمَا ذُكِرَ - يَسْبِقُ غِلْمَانُهُ إِلَى الْمَنَاهِلِ فَيَتَحَجَّرُونَ عَلَى الْمَاءِ، وَيَأْخُذُونَهُ فَيَرُشُّونَ حَوْلَ خَيْمَةِ مَخْدُومِهِمْ فِي قَيْظِ الْحِجَازِ، وَيَسْقُونَ الْبُقُولَاتِ الَّتِي تُحْمَلُ مَعَهُ فِي تُرَابِهَا، وَيَمْنَعُونَ مِنْهُ ابْنَ السَّبِيلِ، الْآمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ، فَلَمَّا رَجَعَ مَعَ النَّاسِ لَعَنَتْهُ الْعَامَّةُ، وَلَمْ تَحْتَفِلْ بِهِ الْخَاصَّةُ، وَلَا أَكْرَمَهُ الْخَلِيفَةُ، وَلَا أَرْسَلَ إِلَيْهِ أَحَدًا، وَخَرَجَ مِنْ بَغْدَادَ وَالْعَامَّةُ مِنْ وَرَائِهِ يَرْجُمُونَهُ وَيَلْعَنُونَهُ، وَسَمَّاهُ النَّاسُ: صَدْرَ جَهَنَّمَ. نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنِ الْخِذْلَانِ.

وَفِيهَا قَبِضَ الْخَلِيفَةُ عَلَى وَزِيرِهِ ابْنِ مَهْدِيٍّ الْعَلَوِيِّ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ نُسِبَ إِلَيْهِ أَنَّهُ يَرُومُ الْخِلَافَةَ، وَقِيلَ: غَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْأَسْبَابِ. وَالْمَقْصُودُ أَنَّهُ حُبِسَ بِدَارِ طَاشْتِكِينَ حَتَّى مَاتَ بِهَا، وَكَانَ جَبَّارًا عَنِيدًا، حَتَّى قَالَ بَعْضُهُمْ فِيهِ:

خَلِيلَيَّ قُولَا لِلْخَلِيفَةِ أَحْمَدٍ ... تَوَقَّ وُقِيتَ السُّوءَ مَا أَنْتَ صَانِعُ

وَزِيرُكَ هَذَا بَيْنَ أَمْرَيْنِ فِيهِمَا ... صَنِيعُكَ يَا خَيْرَ الْبَرِيَّةِ ضَائِعُ

<<  <  ج: ص:  >  >>