مَا لَقَّبُوهُ بِهَا لِأَنْ يَعْلُو بِهَا … أَسْمَاؤُهُ أَغْنَتْهُ عَنْ أَلْقَابِهَا
قَالَ الزَّمَانُ لِغَيْرِهِ إِذْ رَامَهَا … تَرِبَتْ يَمِينُكَ لَسْتَ مِنْ أَتْرَابِهَا
اذْهَبْ طَرِيقَكَ لَسْتَ مِنْ أَرْبَابِهَا … وَارْجِعْ وَرَاءَكَ لَسْتَ مِنْ أَصْحَابِهَا
وَبِعِزِّ سَيِّدِنَا وَسَيِّدِ غَيْرِنَا … ذَلَّتْ مِنَ الْأَيَامِ شَمْسُ صِعَابِهَا
وَأَتَتْ سَعَادَتُهُ إِلَى أَبْوَابِهِ … لَا كَالَّذِي يَسْعَى إِلَى أَبْوَابِهَا
تَعْنُو الْمُلُوكُ لِوَجْهِهِ بِوُجُوهِهَا … لَا بَلْ تُسَاقُ لِبَابِهِ بِرِقَابِهَا
شُغِلَ الْمُلُوكُ بِمَا يَزُولُ وَنَفْسِهِ … مَشْغُولَةٌ بِالذِّكْرِ فِي مِحْرَابِهَا
فِي الصَّوْمِ وَالصَّلَوَاتِ أَتْعَبَ نَفْسَهُ … وَضَمَانُ رَاحَتِهِ عَلَى إِتْعَابِهَا
وَتَعَجَّلَ الْإِقْلَاعَ عَنِ لَذَّاتِهِ … ثِقَةً بِحُسْنِ مَآلِهَا وَمَآبِهَا
فَلْتَفْخَرِ الدُّنْيَا بِسَائِسِ مُلْكِهَا … مِنْهُ وَدَارِسِ عِلْمِهَا وَكِتَابِهَا
صَوَّامِهَا قَوَّامِهَا عَلَّامِهَا … عَمَّالِهَا بَذَّالِهَا وَهَّابِهَا
وَالْعَجَبُ أَنَّ الْقَاضِيَ الْفَاضِلَ مَعَ بَرَاعَتِهِ وَفَصَاحَتِهِ الَّتِي لَا تُدَانَى وَلَا تُجَارَى لَا يُعْرَفُ لَهُ قَصِيدَةٌ طَوِيلَةٌ طَنَّانَةٌ، بَلْ لَهُ مَا بَيْنَ بَيْتٍ وَبَيْتَيْنِ فِي أَثْنَاءِ الرَّسَائِلِ وَغَيْرِهَا شَيْءٌ كَثِيرٌ جِدًّا، فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ:
سَبَقْتُمْ بِإِسْدَاءِ الْجَمِيلِ تَكَرُّمًا … وَمَا مِثْلُكُمْ فِيمَنْ تَحَدَّثَ أَوْ حَكَى
وَقَدْ كَانَ ظَنِّي أَنْ أُسَابِقَكُمْ بِهِ … وَلَكِنْ بَكَتْ قَبْلِي فَهِيجَ لِيَ الْبُكَا
وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ: