للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَأَحْسَنِ الصُّورَةِ، وَالصُّورَةُ فِيهَا الرُّوحُ النَّاطِقَةُ بِالْعِلْمِ وَالْبَيَانِ وَالْقُدْرَةِ، ثُمَّ أَوْعَزْتَ إِلَيَّ شَاهِدَكَ لِأَنِّي فِي ذَاتِكَ الْهُوِيُّ، كَيْفَ أَنْتَ إِذَا مَثَلْتَ بِذَاتِي عِنْدَ عَقِيبِ كَرَاتِي، وَدَعَوْتَ إِلَى ذَاتِي بِذَاتِي، وَأَبْدَيْتَ حَقَائِقَ عُلُومِي وَمُعْجِزَاتِي، صَاعِدًا فِي مَعَارِجِي إِلَى عُرُوشِ أَزَلِيَّاتِي عِنْدَ الْقَوْلِ مِنْ بِرِيَّاتِي، إِنِّي احْتُضِرْتُ وَقُتِلْتُ وَصُلِبْتُ وَأُحْرِقْتُ وَاحْتُمِلْتُ سَافِيَاتِي الذَّارِيَاتِ، وَلَجَجْتُ فِي الْجَارِيَاتِ وَإِنَّ ذَرَّةً مِنْ يَنْجُوجٍ مَكَانَ هَالُوكِ مُتَجَلَّيَاتِي لَأَعْظَمُ مِنَ الرَّاسِيَاتِ. ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ:

أَنْعَى إِلَيْكَ نُفُوسًا طَاحَ شَاهِدُهَا … فِيمَا وَرَا الْحَيْثِ أَوْ فِي شَاهِدِ الْقِدَمِ

أَنْعَى إِلَيْكَ قُلُوبًا طَالَمَا هَطَلَتْ … سَحَائِبُ الْوَحْيِ فِيهَا أَبْحُرُ الْحِكَمِ

أَنْعَى إِلَيْكَ لِسَانَ الْحَقِّ مِنْكَ وَمَنْ … أَوْدَى وَتَذْكَارُهُ فِي الْوَهْمِ كَالْعَدَمِ

أَنْعَى إِلَيْكَ بَيَانًا تَسْتَكِينُ لَهُ … أَقْوَالُ كُلِّ فَصِيحٍ مِقْوَلٍ فَهِمِ

أَنْعَى إِلَيْكَ إِشَارَاتِ الْعُقُولِ مَعًا … لَمْ يَبْقَ مِنْهُنَّ إِلَّا دَارِسُ الْعِلْمِ

أَنْعَى وَحُبِّكَ أَخْلَاقًا لِطَائِفَةٍ … كَانَتْ مَطَايَاهُمْ مِنْ مَكْمَدِ الْكِظَمِ

مَضَى الْجَمِيعُ فَلَا عَيْنٌ وَلَا أَثَرٌ … مُضِيَّ عَادٍ وَفِقْدَانَ الْأُلَى إِرَمِ

وَخَلَّفُوا مَعْشَرًا يَحْذُونَ لِبْسَتَهُمْ … أَعْمَى مِنَ الْبُهْمِ بَلْ أَعْمَى مِنَ النَّعَمِ

قَالُوا: وَلَمَّا أُخْرِجَ الْحَلَّاجُ مِنَ الْمَنْزِلِ الَّذِي بَاتَ فِيهِ لِيُذْهَبَ بِهِ إِلَى الْقَتْلِ أَنْشَدَ:

<<  <  ج: ص:  >  >>