للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعٍ وَسِتِّينَ وَخَمْسِمِائَةٍ]

[مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ]

قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي " الْمُنْتَظَمِ ": إِنَّهُ سَقَطَ عِنْدَهُمْ بَرَدٌ كِبَارٌ كَالنَّارَنْجِ، وَمِنْهُ مَا وَزْنُهُ سَبْعَةُ أَرْطَالٍ، ثُمَّ عَقِبَ ذَلِكَ زِيَادَةٌ عَظِيمَةٌ بِدِجْلَةَ لَمْ يُعْهَدْ مِثْلُهَا أَصْلًا، فَخَرَّبَتْ شَيْئًا كَثِيرًا مِنَ الْعُمْرَانِ وَالْقُرَى وَالْمَزَارِعِ حَتَّى الْقُبُورِ، وَخَرَجَ النَّاسُ إِلَى الصَّحْرَاءِ، وَكَثُرَ الضَّجِيجُ وَالِابْتِهَالُ فِي الدُّعَاءِ حَتَّى فَرَّجَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَتَنَاقَصَتْ زِيَادَةُ الْمَاءِ فَلِلَّهُ الْحَمْدُ رَبِّ الْأَرْضِ وَالسَّمَاءِ، وَأَمَّا الْمَوْصِلُ فَإِنَّهُ كَانَ بِهَا نَحْوٌ مِمَّا كَانَ بِبَغْدَادَ وَأَكْثَرُ، وَانْهَدَمَ بِالْمَاءِ نَحْوٌ مِنْ أَلْفَيْ دَارٍ ; وَاسْتُهْدِمَ بِسَبَبِهِ مِثْلُ ذَلِكَ، وَهَلَكَ تَحْتَ الْهَدْمِ خَلْقٌ كَثِيرٌ، وَكَذَلِكَ الْفُرَاتُ زَادَتْ زِيَادَةً عَظِيمَةً أَيْضًا، فَهَلَكَ بِسَبَبِهَا شَيْءٌ كَثِيرٌ مِنَ الْقُرَى، وَغَلَتِ الْأَسْعَارُ بِالْعِرَاقِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ فِي الزُّرُوعِ وَالثِّمَارِ ; وَوَقَعَ الْوَبَاءُ فِي الْغَنَمِ، وَأُصِيبَ شَيْءٌ كَثِيرٌ مِمَّنْ أَكَلَ مِنْهَا بِالْعِرَاقِ وَغَيْرِهَا.

قَالَ ابْنُ السَّاعِي وَفِي رَمَضَانَ تَوَالَتِ الْأَمْطَارُ بِدِيَارِ بَكْرٍ وَالْمَوْصِلِ ; أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَلَيْلَةً لَمْ يَرَوُا الشَّمْسَ فِيهَا سِوَى مَرَّتَيْنِ ; لَحْظَتَيْنِ يَسِيرَتَيْنِ، فَتَهَدَّمَتِ الْبُيُوتُ وَالْمَسَاكِنُ عَلَى أَهْلِهَا، وَزَادَتْ دِجْلَةُ بِسَبَبِ ذَلِكَ زِيَادَةً عَظِيمَةً، وَغَرِقَتْ كَثِيرٌ مِنْ مَسَاكِنِ بَغْدَادَ وَالْمَوْصِلِ، ثُمَّ تَنَاقَصَ الْمَاءُ بِإِذْنِ اللَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>