[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ خَمْسٍ وَثَمَانِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ]
[مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ]
فِيهَا قَدِمَ مِنْ جِهَةِ الْخَلِيفَةِ رُسُلٌ إِلَى السُّلْطَانِ يُعْلِمُونَهُ بِوِلَايَةِ الْعَهْدِ لِأَبِي نَصْرٍ مُحَمَّدٍ الْمُلَقَّبِ بِالظَّاهِرِ بْنِ الْخَلِيفَةِ النَّاصِرِ، فَأَمَرَ السُّلْطَانُ خَطِيبَ دِمَشْقَ أَبَا الْقَاسِمِ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ زَيْدٍ الدَّوْلَعِيَّ بِالدُّعَاءِ لَهُ، ثُمَّ جَهَّزَ السُّلْطَانُ مَعَ الرُّسُلِ تُحَفًا عَظِيمَةً، وَهَدَايَا سَنِيَّةً، وَأَرْسَلَ بِأُسَارَى مِنَ الْفِرِنْجِ عَلَى هَيْئَتِهِمْ فِي حَالِ حَرْبِهِمْ، وَأَرْسَلَ بِصَلِيبِ الصَّلَبُوتِ فَدُفِنَ تَحْتَ عَتَبَةِ بَابِ النَّوَى، مِنْ دَارِ الْخِلَافَةِ، فَكَانَ بِالْأَقَدْامِ يُدَاسُ، بَعْدَمَا كَانَ يُعَظَّمُ وَيُبَاسُ، وَصَارَ يُبْصَقُ عَلَيْهِ بَعْدَمَا كَانَ يُسْجَدُ إِلَيْهِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ هَذَا الصَّلِيبَ إِنَّمَا هُوَ الَّذِي كَانَ مَنْصُوبًا عَلَى قُبَّةِ الصَّخْرَةِ، وَكَانَ مِنْ نُحَاسٍ مَطْلِيًّا بِالذَّهَبِ، وَقَدِ انْحَطَّ إِلَى أَسْفَلِ الرُّتَبِ.
[قِصَّةُ عَكَّا وَمَا كَانَ مِنْ أَمْرِهَا]
لَمَّا كَانَ شَهْرُ رَجَبٍ اجْتَمَعَ مَنْ كَانَ بِصُورَ مِنَ الْفِرِنْجِ وَسَارُوا إِلَى مَدِينَةِ عَكَّا فَأَحَاطُوا بِهَا يُحَاصِرُونَهَا، فَتَحَصَّنَ مَنْ فِيهَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَأَعَدُّوا لِلْحِصَارِ مَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ، وَبَلَغَ السُّلْطَانَ خَبَرُهُمْ فَسَارَ إِلَيْهِمْ مِنْ دِمَشْقَ مُسْرِعًا، فَوَجَدَهُمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute