للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَقَعْ تَبْدِيلُهُمْ إِلَّا فِي الْمَعَانِي وَإِنَّ الْأَلْفَاظَ بَاقِيَةٌ، وَهِيَ حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ، إِذْ لَوْ أَقَامُوا مَا فِي كِتَابِهِمْ جَمِيعِهِ; لَقَادَهُمْ ذَلِكَ إِلَى اتِّبَاعِ الْحَقِّ، وَمُتَابَعَةِ الرَّسُولِ مُحَمَّدٍ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ [الْأَعْرَافِ: ١٥٧] الْآيَةَ وَقَالَ تَعَالَى وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ [الْمَائِدَةِ: ٦٦] الْآيَةَ وَقَالَ تَعَالَى قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ الَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ [الْمَائِدَةِ: ٦٨] الْآيَةَ. وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَهُوَ الْقَوْلُ بِأَنَّ التَّبْدِيلَ إِنَّمَا وَقَعَ فِي مَعَانِيهَا لَا فِي أَلْفَاظِهَا - حَكَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي آخِرِ كِتَابِهِ «الصَّحِيحِ» وَقَرَّرَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَرُدَّهُ، وَحَكَاهُ الْعَلَّامَةُ الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ الرَّازِيُّ فِي «تَفْسِيرِهِ» عَنْ أَكْثَرِ الْمُتَكَلِّمِينَ.

وَذَهَبَ فُقَهَاءُ الْحَنَفِيَّةِ إِلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْجُنُبِ مَسُّ التَّوْرَاةِ وَهُوَ مُحْدِثٌ، وَحَكَاهُ الْحَنَّاطِيُّ فِي فَتَاوِيهِ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَهُوَ غَرِيبٌ جِدًّا. وَذَهَبَ آخَرُونَ مِنَ الْعُلَمَاءِ إِلَى التَّوَسُّطِ فِي هَذَيْنَ الْقَوْلَيْنِ مِنْهُمْ شَيْخُنَا

<<  <  ج: ص:  >  >>