للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَصْلَحَ بَالَهُمْ بَلْ صَرَفَ قُلُوبَهُمْ عَنِ الْحَقِّ، وَأَمَالَ عَنِ الِاسْتِقَامَةِ حَالَهُمْ، ثُمَّ اجْتَمَعُوا بَعْدَ ذَلِكَ مَجْمَعَيْنِ فِي قَضِيَّةِ النُّسْطُورِيَّةِ وَالْيَعْقُوبِيَّةِ، وَكُلُّ فِرْقَةٍ مِنْ هَؤُلَاءِ تُكَفِّرُ الْأُخْرَى، وَتَعْتَقِدُ تَخْلِيدَهُمْ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَلَا تَرَى مُجَامَعَتَهُمْ فِي الْمَعَابِدِ وَالْكَنَائِسِ، وَكُلُّهُمْ يَقُولُ بِالْأَقَانِيمِ الثَّلَاثَةِ: أُقْنُومِ الْأَبِ، وَأُقْنُومِ الِابْنِ، وَأُقْنُومِ الْكَلِمَةِ، وَلَكِنْ بَيْنَهُمُ اخْتِلَافٌ فِي الْحُلُولِ وَالِاتِّحَادِ فِيمَا بَيْنُ اللَّاهُوتِ وَالنَّاسُوتِ هَلْ تَدَرَّعَهُ أَوْ حَلَّ فِيهِ أَوِ اتَّحَدَ بِهِ، وَاخْتِلَافُهُمْ فِي ذَلِكَ شَدِيدٌ، وَكُفْرُهُمْ بِسَبَبِهِ غَلِيظٌ، وَكُلُّهُمْ عَلَى الْبَاطِلِ إِلَّا مَنْ قَالَ مِنَ الْأَرْيُوسِيَّةِ أَصْحَابِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَرْيُوسَ: إِنَّ الْمَسِيحَ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ وَابْنُ أَمَتِهِ، وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ. كَمَا يَقُولُ الْمُسْلِمُونَ فِيهِ سَوَاءٌ، وَلَكِنْ لَمَّا اسْتَقَرَّ أَمْرُ الْأَرْيُوسِيَّةِ عَلَى هَذِهِ الْمَقَالَةِ تَسَلَّطَ عَلَيْهِمُ الْفَرْقُ الثَّلَاثَةُ بِالْإِبْعَادِ وَالطَّرْدِ حَتَّى قَلُّوا فَلَا يُعْرَفُ الْيَوْمَ مِنْهُمْ أَحَدٌ فِيمَا نَعْلَمُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>