للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَذْهَبُ إِلَيْهَا فَسَجَدُوا لَهُ، وَطَلَبَ مِنْهُمْ أَنْ يَضَعُوا لَهُ كِتَابًا فِي الْأَحْكَامِ، وَأَنْ تَكُونَ الصَّلَاةُ إِلَى الشَّرْقِ ; لِأَنَّهَا مَطْلِعُ الْكَوَاكِبِ النَّيِّرَةِ، وَأَنْ يُصَوِّرُوا فِي كَنَائِسِهِمْ صُوَرًا لَهَا جُثَثٌ فَصَالَحُوهُ عَلَى أَنْ تَكُونَ فِي الْحِيطَانِ فَلَمَّا تَوَافَقُوا عَلَى ذَلِكَ أَخَذَ فِي نَصْرِهِمْ، وَإِظْهَارِ كَلِمَتِهِمْ وَإِقَامَةِ مَقَالَتِهِمْ، وَإِبْعَادِ مَنْ خَالَفَهُمْ وَتَضْعِيفِ رَأْيِهِ وَقَوْلِهِ، فَظَهَرَ أَصْحَابُهُ بِجَاهِهِ عَلَى مُخَالِفِهِمْ وَانْتَصَرُوا عَلَيْهِمْ، وَأَمَرَ بِبِنَاءِ الْكَنَائِسِ عَلَى دِينِهِمْ، وَهُمُ الْمَلِكِيَّةُ ; نِسْبَةً إِلَى دِينِ الْمَلِكِ فَبُنِيَ فِي أَيَّامِ قُسْطَنْطِينَ بِالشَّامِ وَغَيْرِهَا فِي الْمَدَائِنِ وَالْقُرَى أَزِيدُ مِنْ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ أَلْفَ كَنِيسَةٍ، وَاعْتَنَى الْمَلِكُ بِبِنَاءِ بَيْتِ لَحْمٍ يَعْنِي عَلَى مَكَانِ مَوْلِدِ الْمَسِيحِ، وَبَنَتْ أُمُّهُ هِيلَانَةُ قُمَامَةَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ عَلَى مَكَانِ الْمَصْلُوبِ الَّذِي زَعَمَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى بِجَهْلِهِمْ، وَقِلَّةِ عَقْلِهِمْ أَنَّهُ الْمَسِيحُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَيُقَالُ: إِنَّهُ قَتَلَ مَنْ عَدَا أُولَئِكَ، وَخَدَّ لَهُمُ الْأَخَادِيدَ فِي الْأَرْضِ، وَأَجَّجَ فِيهَا النَّارَ وَأَحْرَقَهُمْ بِهَا، كَمَا ذَكَرْنَاهُ فِي سُورَةِ الْبُرُوجِ.

وَعَظُمَ دِينُ النَّصْرَانِيَّةِ، وَظَهَرَ أَمْرُهُ جِدًّا بِسَبَبِ الْمَلِكِ قُسْطَنْطِينَ وَقَدْ أَفْسَدَهُ عَلَيْهِمْ فَسَادًا لَا صَلَاحَ لَهُ وَلَا نَجَاحَ مَعَهُ وَلَا فَلَاحَ عِنْدِهِ، وَكَثُرَتْ أَعْيَادُهُمْ بِسَبَبِ عُظَمَائِهِمْ، وَكَثُرَتْ كَنَائِسُهُمْ عَلَى أَسْمَاءِ عُبَّادِهِمْ، وَتَفَاقَمَ كُفْرُهُمْ، وَغَلُظَتْ مُصِيبَتُهُمْ، وَتَخَلَّدَ ضَلَالُهُمْ، وَعَظُمَ وَبَالُهُمْ، وَلَمْ يَهْدِ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>