[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثٍ وَثَمَانِينَ]
[الْأَحْدَاثُ الَّتِي وَقَعَتْ فِيهَا]
اسْتُهِلَّتْ هَذِهِ السَّنَةُ وَالنَّاسُ مُتَوَاقِفُونَ لِقِتَالِ الْحَجَّاجِ وَأَصْحَابِهِ بِدَيْرِ قُرَّةَ، وَابْنُ الْأَشْعَثِ وَأَصْحَابُهُ بِدَيْرِ الْجَمَاجِمِ، وَالْمُبَارَزَةُ فِي كُلِّ يَوْمٍ بَيْنَهُمْ وَاقِعَةٌ، وَفِي غَالِبِ الْأَيَّامِ تَكُونُ النُّصْرَةُ لِأَهْلِ الْعِرَاقِ عَلَى أَهْلِ الشَّامِ، حَتَّى قِيلَ: إِنَّ أَصْحَابَ ابْنِ الْأَشْعَثِ - وَهُمْ أَهْلُ الْعِرَاقِ - كَسَرُوا أَهْلَ الشَّامِ - وَهُمْ أَصْحَابُ الْحَجَّاجِ - بِضْعًا وَثَمَانِينَ مَرَّةً يَنْتَصِرُونَ عَلَيْهِمْ. وَمَعَ هَذَا فَالْحَجَّاجُ ثَابِتٌ فِي مَكَانِهِ صَابِرٌ وَمُصَابِرٌ، لَا يَتَزَحْزَحُ عَنْ مَوْضِعِهِ الَّذِي هُوَ فِيهِ، بَلْ إِذَا حَصَلَ لَهُ ظَفَرٌ فِي يَوْمٍ مِنَ الْأَيَّامِ يَتَقَدَّمُ بِجَيْشِهِ إِلَى نَحْرِ عَدُّوِهِ، وَكَانَ لَهُ خِبْرَةٌ بِالْحَرْبِ، وَمَا زَالَ ذَلِكَ دَأْبَهُ وَدَأْبَهُمْ حَتَّى أَمَرَ بِالْحَمْلَةِ عَلَى كَتِيبَةِ الْقُرَّاءِ; لِأَنَّ النَّاسَ كَانُوا تَبَعًا لَهُمْ، وَهُمُ الَّذِينَ يُحَرِّضُونَهُمْ عَلَى الْقِتَالِ، وَالنَّاسُ يَقْتَدُونَ بِهِمْ، فَصَبَرَ الْقُرَّاءُ لِحَمْلَةِ جَيْشِهِ، ثُمَّ جَمَعَ الرُّمَاةَ مِنْ جَيْشِهِ وَحَمَلَ بِهِمْ، وَمَا انْفَكَّ حَتَّى قُتِلَ مِنْهُمْ خَلْقًا كَثِيرًا، ثُمَّ حَمَلَ عَلَى جَيْشِ ابْنِ الْأَشْعَثِ، فَانْهَزَمَ أَصْحَابُ ابْنِ الْأَشْعَثِ وَذَهَبُوا فِي كُلِّ وَجْهٍ، وَهَرَبَ ابْنُ الْأَشْعَثِ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ، وَمَعَهُ فَلٌّ قَلِيلٌ مِنَ النَّاسِ، فَأَتْبَعُهُ الْحَجَّاجُ جَيْشًا كَثِيفًا مَعَ عِمَارَةَ بْنِ تَمِيمٍ اللَّخْمِيِّ، وَمَعَهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَجَّاجِ، وَالْإِمْرَةُ لِعِمَارَةَ، فَسَاقُوا وَرَاءَهُمْ يَطْرُدُونَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَظْفَرُونَ بِهِ قَتْلًا أَوْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute