للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَنْتَ الْحَبْلُ الْمَمْدُودُ بَيْنَ اللَّهِ وَبَيْنَ خَلْقِهِ، وَإِنَّ لِي فِيكَ لَظَنَّيْنِ، أَسْبَقُهُمَا إِلَى قَلْبِي أَوْلَاهُمَا بِكَ; وَهُوَ الْعَفْوُ. ثُمَّ انْدَفَعَ يَقُولُ بَدِيهَةً:

أَبَى النَّاسُ إِلَّا أَنَّكَ الْيَوْمَ قَاتِلِي … إِمَامَ الْهُدَى وَالصَّفْحُ بِالْمَرْءِ أَجْمَلُ

وَهَلْ أَنَا إِلَّا جُبْلَةٌ مِنْ خَطِيَّةٍ … وَعَفْوُكَ مِنْ نُورِ النُّبُوَّةِ يُجْبَلُ

فَإِنَّكَ خَيْرُ السَّابِقِينَ إِلَى الْعُلَا … وَلَا شَكَّ أَنَّ خَيْرَ الْفَعَالَيْنِ تَفْعَلُ

فَقَالَ الْمُتَوَكِّلُ: إِنَّ مَعَهُ لَأَدَبًا. ثُمَّ عَفَا عَنْهُ، وَيُقَالُ: بَلْ شَفَعَ فِيهِ الْمُعْتَزُّ ابْنُ الْمُتَوَكِّلِ، فَشَفَّعَهُ فِيهِ. وَيُقَالُ: بَلْ أَوْدِعَ فِي السِّجْنِ فِي قُيُودٍ ثَقِيلَةٍ، فَلَمْ يَزَلْ فِيهِ حَتَّى هَرَبَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَقَدْ قَالَ حِينَ هَرَبَ:

كَمْ قَدْ قَضَيْتُ أُمُورًا كَانَ أَهْمَلَهَا … غَيْرِي وَقَدْ أَخَذَ الْإِفْلَاسُ بِالْكَظَمِ

لَا تَعْذِلِينِي فِيمَا لَيْسَ يَنْفَعُنِي … إِلَيْكِ عَنِّي جَرَى الْمِقْدَارُ بِالْقَلَمِ

سَأُتْلِفُ الْمَالَ فِي عُسْرٍ وَفِي يُسْرٍ … إِنَّ الْجَوَادَ الَّذِي يُعْطِي عَلَى الْعَدَمِ

وَفِيهَا أَمَرَ الْمُتَوَكِّلُ عَلَى اللَّهِ أَهْلَ الذِّمَّةِ أَنْ يَتَمَيَّزُوا عَنِ الْمُسْلِمِينَ فِي لِبَاسِهِمْ وَعَمَائِمِهِمْ وَثِيَابِهِمْ، وَأَنْ يَتَطَيْلَسُوا بِالْمَصْبُوغِ بِالْعَسَلِيِّ، وَأَنْ يَكُونَ عَلَى غِلْمَانِهِمْ رِقَاعٌ - مُخَالِفَةٌ لِلَوْنِ ثِيَابِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ وَمِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ، وَأَنْ يُلْزَمُوا

<<  <  ج: ص:  >  >>