[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ]
[مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ]
فِيهَا جَاءَتِ الْجُنْدُ، فَأَحْدَقُوا بِدَارِ الْخِلَافَةِ، وَقَالُوا: لِيَخْرُجْ إِلَيْنَا الْخَلِيفَةُ الرَّاضِي بِنَفْسِهِ فَيُصَلِّ بِالنَّاسِ. فَخَرَجَ فَصَلَّى بِهِمْ وَخَطَبَهُمْ، وَقَبَضَ الْغِلْمَانُ عَلَى الْوَزِيرِ أَبِي عَلِيِّ بْنِ مُقْلَةَ، وَسَأَلُوا مِنَ الْخَلِيفَةِ أَنْ يَسْتَوْزِرَ غَيْرَهُ، فَرَدَّ الْخِيَرَةَ إِلَيْهِمْ، فَاخْتَارُوا عَلِيَّ بْنَ عِيسَى، فَلَمْ يَقْبَلْ، وَأَشَارَ بِأَخِيهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عِيسَى فَاسْتَوْزَرَهُ، وَأُحْرِقَتْ دَارُ ابْنِ مُقْلَةَ، وَسُلِّمَ هُوَ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عِيسَى، فَضُرِبَ ضَرْبًا عَنِيفًا، وَأُخِذَ خَطُّهُ بِأَلْفِ أَلْفِ دِينَارٍ، ثُمَّ عَجَزَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عِيسَى، فَعُزِلَ بَعْدَ خَمْسِينَ يَوْمًا، وَقُلِّدَ الْوِزَارَةَ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ الْكَرْخِيُّ، فَصَادَرَ عَلِيَّ بْنَ عِيسَى بِمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ، وَصَادَرَ أَخَاهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عِيسَى بِسَبْعِينَ أَلْفِ دِينَارٍ، ثُمَّ عُزِلَ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ وَنِصْفٍ، وَقُلِّدَ سُلَيْمَانُ بْنُ الْحُسَيْنِ، ثُمَّ عُزِلَ بِأَبِي الْفَتْحِ الْفَضْلِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الْفُرَاتِ، وَلَكِنْ فِي السَّنَةِ الْآتِيَةِ، وَأُحْرِقَتْ دَارُهُ كَمَا أُحْرِقَتْ دَارُ ابْنِ مُقْلَةَ فِي الْيَوْمِ الَّذِي أُحْرِقَتْ تِلْكَ فِيهِ، بَيْنَهُمَا سَنَةٌ وَاحِدَةٌ. وَهَذَا كُلُّهُ مِنْ تَخْبِيطِ الْأَتْرَاكِ وَالْغِلْمَانِ. وَلَمَّا أُحْرِقَتْ دَارُ ابْنِ مُقْلَةَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ كَتَبَ بَعْضُ النَّاسِ عَلَى بَعْضِ جُدْرَانِهَا:
أَحْسَنْتَ ظَنَّكَ بِالْأَيَّامِ إِذْ حَسُنَتْ ... وَلَمْ تَخَفْ سُوءَ مَا يَأْتِي بِهِ الْقَدَرُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute