[سَنَةُ ثَمَانٍ وَتِسْعِينَ وَمِائَةٍ]
[الْأَحْدَاثُ الَّتِي وَقَعَتْ فِيهَا]
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانٍ وَتِسْعِينَ وَمِائَةٍ
فِيهَا خَامَرَ خُزَيْمَةُ بْنُ خَازِمٍ عَلَى مُحَمَّدٍ الْأَمِينِ وَأَخَذَ الْأَمَانَ مِنْ طَاهِرٍ. وَدَخَلَ هَرْثَمَةُ بْنُ أَعْيَنَ الْجَانِبَ الشَّرْقِيَّ، وَفِي يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ لِثَمَانٍ خَلَوْنَ مِنَ الْمُحَرَّمِ وَثَبَ خُزَيْمَةُ بْنُ خَازِمٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عِيسَى عَلَى جِسْرِ بَغْدَادَ فَقَطَعَاهُ وَنَصَبَا رَايَتَهُمَا عَلَيْهِ، وَدَعَوْا إِلَى بَيْعَةِ عَبْدِ اللَّهِ الْمَأْمُونِ وَخَلْعِ مُحَمَّدٍ الْأَمِينِ وَدَخَلَ طَاهِرٌ يَوْمَ الْخَمِيسِ إِلَى الْجَانِبِ الشَّرْقِيِّ، فَبَاشَرَ الْقِتَالَ بِنَفْسِهِ، وَنَادَى بِالْأَمَانِ لِمَنْ لَزِمَ مَنْزِلَهُ، وَجَرَتْ عِنْدَ دَارِ الرَّقِيقِ وَالْكَرْخِ وَغَيْرِهِمَا وَقَعَاتٌ، وَأَحَاطَ بِمَدِينَةِ أَبِي جَعْفَرٍ وَالْخُلْدِ وَقَصْرِ زُبَيْدَةَ، وَنَصَبَ الْمَجَانِيقَ حَوْلَ السُّورِ، وَحِذَاءَ قَصْرِ زُبَيْدَةَ، وَرَمَاهُ بِالْمَنْجَنِيقِ، فَخَرَجَ مُحَمَّدٌ الْأَمِينُ بِأُمِّهِ وَوَلَدِهِ إِلَى مَدِينَةِ أَبِي جَعْفَرٍ، وَتَفَرَّقَ عَنْهُ عَامَّةُ أَصْحَابِهِ فِي الطُّرُقِ، لَا يَلْوِي أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ. وَدَخَلَ الْأَمِينُ قَصْرَ أَبِي جَعْفَرٍ وَانْتَقَلَ مِنَ الْخُلْدِ لِكَثْرَةِ مَا يَأْتِيهِ فِيهِ مِنْ رَمْيِ الْمَنْجَنِيقِ، وَأَمَرَ بِتَحْرِيقِ مَا كَانَ فِيهِ مِنَ الْأَثَاثِ وَالْبُسُطِ وَالْأَمْتِعَةِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ فَحُصِرَ فِيهِ حَصْرًا شَدِيدًا. وَمَعَ هَذِهِ الشِّدَّةِ وَالضِّيقِ وَإِشْرَافِهِ عَلَى الْهَلَاكِ، خَرَجَ ذَاتَ لَيْلَةٍ فِي ضَوْءِ الْقَمَرِ إِلَى شَاطِئِ دِجْلَةَ، وَاسْتَدْعَى بِنَبِيذٍ وَجَارِيَةٍ فَغَنَّتْهُ، فَلَمْ يَنْطَلِقْ لِسَانُهَا إِلَّا بِالْفُرَاقِيَّاتِ وَذِكْرِ الْمَوْتِ، وَهُوَ يَقُولُ لَهَا: غَيِّرِي هَذَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute