للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَبِيُّ النَّفْسِ لَا أَخْتَارُ رِزْقًا … يَجِيءُ بِغَيْرِ سَيْفِي أَوْ سِنَانِي

فَعِزٌّ فِي لَظَى بَاغِيهِ يُشْوَى … أَلَذُّ مِنَ الْمَذَلَّةِ فِي الْجِنَانِ

وَقَدْ تَرْجَمَهُ الْحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي «تَارِيخِهِ» تَرْجَمَةً حَسَنَةً كَعَادَتِهِ، وَأَوْرَدَ لَهُ مِنْ شِعْرِهِ قَوْلَهُ:

لَا تَغْبِطَنَّ أَخَا الدُّنْيَا لِزُخْرُفِهَا … وَلَا لِلَذَّةِ وَقْتٍ عَجَّلَتْ فَرَحًا

فَالدَّهْرُ أَسْرَعُ شَيْءٍ فِي تَقَلُّبِهِ … وَفِعْلُهُ بَيِّنٌ لِلْخَلْقِ قَدْ وَضَحَا

كَمْ شَارِبٍ عَسَلًا فِيهِ مَنِيَّتُهُ … وَكَمْ تَقَلَّدَ سَيْفًا مَنْ بِهِ ذُبِحَا

وَقَدْ كَانَتْ وَفَاتُهُ يَوْمَ الْاثْنَيْنِ ضُحَى السَّابِعِ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَلَهُ ثِنْتَانِ وَسَبْعُونَ سَنَةً فِي حُجْرَةٍ كَانَ يَسْكُنُهَا بِدَرْبِ السِّلْسِلَةِ جِوَارَ الْمَدْرَسَةِ النِّظَامِيَّةِ وَاحْتَفَلَ النَّاسُ بِجِنَازَتِهِ، وَحَمَلَهَا فِيمَنْ حَمَلَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ، وَدُفِنَ إِلَى جَانِبِ قَبْرِ بِشْرٍ الْحَافِي فِي قَبْرِ رَجُلٍ كَانَ قَدْ أَعَدَّهُ لِنَفْسِهِ فَسُئِلَ أَنْ يَتْرُكَهُ لِلْخَطِيبِ فَشَحَّتْ بِهِ نَفْسُهُ، حَتَّى قَالَ لَهُ بَعْضُ النَّاسِ: بِاللَّهِ عَلَيْكَ لَوْ قَدِمْتَ أَنْتَ وَالْخَطِيبُ إِلَى بِشْرٍ أَيُّكُمَا كَانَ يُجْلِسُهُ إِلَى جَانِبِهِ؟ فَقَالَ: الْخَطِيبَ. فَقِيلَ: فَاسْمَحْ لَهُ بِهِ، فَوَهَبَهُ لَهُ فَدُفِنَ فِيهِ وَأَكْرَمَ مَثْوَاهُ، وَهُوَ مِمَّنْ يُنْشَدُ لَهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:

مَا زِلْتَ تَدْأَبُ فِي التَّارِيخِ مُجْتَهِدًا … حَتَّى رَأَيْتُكَ فِي التَّارِيخِ مَكْتُوبَا

وَحَكَى ابْنُ خَلِّكَانَ عَنِ السَّمْعَانِيِّ أَنَّهُ تُوُفِّيَ فِي شَوَّالٍ وَأَنَّهُ تَصَدَّقَ

<<  <  ج: ص:  >  >>