للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[وَقْعَةُ أَجْنَادِينَ]

وَذَلِكَ أَنَّهُ سَارَ بِجَيْشِهِ وَعَلَى مَيْمَنَتِهِ ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، وَعَلَى مَيْسَرَتِهِ جُنَادَةُ بْنُ تَمِيمٍ الْمَالِكِيُّ ; مِنْ بَنِي مَالِكِ بْنِ كِنَانَةَ، وَمَعَهُ شُرَحْبِيلُ ابْنُ حَسَنَةَ، وَاسْتَخْلَفَ عَلَى الْأُرْدُنِّ أَبَا الْأَعْوَرِ السَّلَمِيَّ، فَلَمَّا وَصَلَ إِلَى الرَّمْلَةِ وَجَدَ عِنْدَهَا جَمْعًا مِنَ الرُّومِ عَلَيْهِمُ الْأَرْطَبُونُ، وَكَانَ أَدْهَى الرُّومِ وَأَبْعَدَهَا غَوْرًا، وَأَنْكَاهَا فِعْلًا، وَقَدْ كَانَ وَضَعَ بِالرَّمْلَةِ جُنْدًا عَظِيمًا وَبِإِيلِيَاءَ جُنْدًا عَظِيمًا، فَكَتَبَ عَمْرٌو إِلَى عُمَرَ بِالْخَبَرِ، فَلَمَّا جَاءَهُ كِتَابُ عَمْرٍو قَالَ: قَدْ رَمَيْنَا أَرْطَبُونَ الرُّومِ بِأَرْطَبُونِ الْعَرَبِ، فَانْظُرُوا عَمَّا تَنْفَرِجُ. وَبَعَثَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ عَلْقَمَةَ بْنَ حَكِيمٍ الْفَرَّاسِيَّ، وَمَسْرُوقَ بْنَ فُلَانٍ الْعَكِّيَّ عَلَى قِتَالِ أَهْلِ إِيلِيَاءَ، وَأَبَا أَيُّوبٍ الْمَالِكِيَّ إِلَى الرَّمْلَةِ وَعَلَيْهَا التَّذَارِقُ، فَكَانُوا بِإِزَائِهِمْ ; لِيَشْغَلُوهُمْ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَجَيْشِهِ، وَجَعَلَ عَمْرٌو كُلَّمَا قَدِمَ عَلَيْهِ أَمْدَادٌ مِنْ جِهَةِ عُمَرَ يَبْعَثُ مِنْهُمْ طَائِفَةً إِلَى هَؤُلَاءِ وَطَائِفَةً إِلَى هَؤُلَاءِ، وَأَقَامَ عَمْرٌو عَلَى أَجْنَادِينَ لَا يَقْدِرُ مِنَ الْأَرْطَبُونِ عَلَى سَقْطَةٍ وَلَا تَشْفِيهِ الرُّسُلُ، فَوَلِيَهُ بِنَفْسِهِ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ كَأَنَّهُ رَسُولٌ، فَأَبْلَغَهُ مَا يُرِيدُ وَسَمِعَ كَلَامَهُ وَتَأَمَّلَ حُصُونَهُ حَتَّى عَرَفَ مَا أَرَادَ، وَقَالَ الْأَرْطَبُونُ فِي نَفْسِهِ: وَاللَّهِ إِنَّ هَذَا لَعَمْرٌو، أَوْ إِنَّهُ الَّذِي يَأْخُذُ عَمْرٌو بِرَأْيِهِ، وَمَا كُنْتُ لِأُصِيبَ الْقَوْمَ بِأَمْرٍ هُوَ أَعْظَمُ مِنْ قَتْلِهِ. فَدَعَا حَرَسِيًّا فَسَارَّهُ فَأَمَرَهُ بِقَتْلِهِ. فَقَالَ: اذْهَبْ فَقُمْ فِي مَكَانِ كَذَا وَكَذَا، فَإِذَا مَرَّ بِكَ فَاقْتُلْهُ. فَفَطِنَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ، فَقَالَ لِلْأَرْطَبُونِ: أَيُّهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>