وَمِنْهُمْ مَنْ يَسِيرُ لِدَارِ عَدْنَ ... تَلَقَّاهُ الْعَرَائِسُ بِالْغَوَالِي
يَقُولُ لَهُ الْمُهَيْمِنُ يَا وَلِيِّي ... غَفَرْتُ لَكَ الذُّنُوبَ فَلَا تُبَالِي
[فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةِ الْحَشْرِ]
فَصْلٌ (كَيْفِيَّةُ الْحَشْرِ)
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا - وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا} [مريم: ٨٥ - ٨٦]
[مَرْيَمَ: ٨٥، ٨٦] . وَرَدَ فِي حَدِيثٍ سَيَأْتِي أَنَّهُمْ يُؤْتَوْنَ بِنَجَائِبَ مِنَ الْجَنَّةِ يَرْكَبُونَهَا، وَأَنَّهُمْ يُؤْتَوْنَ بِهَا عِنْدَ قِيَامِهِمْ مِنْ قُبُورِهِمْ. وَفِي صِحَّتِهِ نَظَرٌ، إِذْ قَدْ تَقَدَّمَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ النَّاسَ كُلَّهُمْ يُحْشَرُونَ مُشَاةً حُفَاةً عُرَاةً، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحْشَرُ رَاكِبًا وَحْدَهُ نَاقَةً حَمْرَاءَ، وَبِلَالٌ يُنَادِي بِالْأَذَانِ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَإِذَا قَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ. صَدَّقَهُ الْأَوَّلُونَ وَالْآخِرُونَ.
فَإِذَا كَانَ هَذَا مِنْ خَصَائِصِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّمَا يَكُونُ إِتْيَانُهُمْ بِالنَّجَائِبِ بَعْدَ جَوَازِ الصِّرَاطِ، وَهُوَ الْأَشْبَهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَدْ رُوِيَ فِي حَدِيثِ الصُّورِ أَنَّ الْمُتَّقِينَ يُضْرَبُ لَهُمْ حِيَاضٌ يَرِدُونَهَا بَعْدَ مُجَاوَزَةِ الصِّرَاطِ، وَأَنَّهُمْ إِذَا وَصَلُوا إِلَى بَابِ الْجَنَّةِ، يَسْتَشْفِعُونَ بِآدَمَ، ثُمَّ بِنُوحٍ، ثُمَّ بِإِبْرَاهِيمَ، ثُمَّ بِمُوسَى، ثُمَّ بِعِيسَى، ثُمَّ بِمُحَمَّدٍ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمْ جَمِيعًا