[هَلَاكُ فِرْعَوْنَ وَجُنُودِهِ]
ذِكْرُ هَلَاكِ فِرْعَوْنَ وَجُنُودِهِ
لَمَّا تَمَادَى قِبْطُ مِصْرَ عَلَى كُفْرِهِمْ، وَعُتُوِّهِمْ، وَعِنَادِهِمْ، مُتَابَعَةً لِمَلِكِهِمْ فِرْعَوْنَ، وَمُخَالَفَةً لِنَبِيِّ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَكَلِيمِهِ، مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَأَقَامَ اللَّهُ عَلَى أَهْلِ مِصْرَ الْحُجَجَ الْعَظِيمَةَ الْقَاهِرَةَ وَأَرَاهُمْ مِنْ خَوَارِقِ الْعَادَاتِ مَا بَهَرَ الْأَبْصَارَ وَحَيَّرَ الْعُقُولَ، وَهُمْ مَعَ ذَلِكَ لَا يَرْعَوُونَ، وَلَا يَنْتَهُونَ، وَلَا يَنْزِعُونَ، وَلَا يَرْجِعُونَ، وَلَمْ يُؤْمِنْ مِنْهُمْ إِلَّا الْقَلِيلُ، قِيلَ: ثَلَاثَةٌ; وَهُمُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ، وَلَا عِلْمَ لِأَهْلِ الْكِتَابِ بِخَبَرِهَا، وَمُؤْمِنُ آلِ فِرْعَوْنَ، الَّذِي تَقَدَّمَ حِكَايَةُ مَوْعِظَتِهِ، وَمَشُورَتِهِ، وَحُجَّتِهِ عَلَيْهِمْ، وَالرَّجُلُ النَّاصِحُ، الَّذِي جَاءَ يَسْعَى مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ، فَقَالَ: {يَامُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ} [القصص: ٢٠] قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، فِيمَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْهُ. وَمُرَادُهُ غَيْرُ السَّحَرَةِ، فَإِنَّهُمْ كَانُوا مِنَ الْقِبْطِ. وَقِيلَ: بَلْ آمَنَ بِهِ طَائِفَةٌ مِنَ الْقِبْطِ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ، وَالسَّحَرَةُ كُلُّهُمْ، وَجَمِيعُ شَعْبِ بَنِي إِسْرَائِيلَ. وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ عَلَى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَنْ يَفْتِنَهُمْ وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ} [يونس: ٨٣] . فَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ: {إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ} [يونس: ٨٣] عَائِدٌ عَلَى فِرْعَوْنَ;
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute