للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَاكِبًا عَلَى حِمَارٍ بِإِكَافٍ، وَأَعْطَاهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ نَفَقَةً مِنْ عِنْدِهِ، فَرَحَلَ إِلَى خُرَاسَانَ وَهُوَ كَذَلِكَ، ثُمَّ آلَ بِهِ الْحَالُ حَتَّى صَارَتْ لَهُ خُرَاسَانُ بِأَزِمَّتِهَا وَحَذَافِيرِهَا، وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ فِي مُرُورِهِ إِلَى خُرَاسَانَ عَدَا رَجُلٌ فِي بَعْضِ الْخَانَاتِ عَلَى حِمَارِهِ، فَهَلَبَ ذَنَبَهُ، فَلَمَّا تَمَكَّنَ أَبُو مُسْلِمٍ وَحَكَمَ عَلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ، جَعَلَهُ دَكًّا، فَكَانَ بَعْدَ ذَلِكَ خَرَابًا لَا يُسْكَنُ. وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ أَصَابَهُ سِبَاءٌ فِي صِغَرِهِ، وَأَنَّهُ اشْتَرَاهُ بَعْضُ دُعَاةِ بَنِي الْعَبَّاسِ بِأَرْبَعِمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَأَنَّ إِبْرَاهِيمَ بْنَ مُحَمَّدٍ الْإِمَامَ اسْتَوْهَبَهُ أَوِ اشْتَرَاهُ، فَانْتَمَى إِلَيْهِ، وَزَوَّجَهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حِينَ بَعَثَهُ إِلَى خُرَاسَانَ، بِنْتَ أَبِي النَّجْمِ عِمْرَانَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الطَّائِيِّ، أَحَدِ دُعَاةِ بَنِي الْعَبَّاسِ، وَأَصْدَقَهَا عَنْهُ أَرْبَعَمِائَةِ دِرْهَمٍ، فَوُلِدَ لِأَبِي مُسْلِمٍ بِنْتَانِ; إِحْدَاهُمَا أَسْمَاءُ، أَعْقَبَتْ، وَفَاطِمَةُ، وَلَمْ تُعْقِبْ.

وَقَدْ ذَكَرْنَا فِيمَا سَلَفَ مِنَ السِّنِينَ، كَيْفِيَّةَ اسْتِقْلَالِ أَبِي مُسْلِمٍ بِأُمُورِ خُرَاسَانَ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ، وَنَشْرِهِ دَعْوَةَ بَنِي الْعَبَّاسِ.

وَقَدْ كَانَ ذَا هَيْبَةٍ وَصَرَامَةٍ وَإِقْدَامٍ وَتَسَرُّعٍ; رَوَى ابْنُ عَسَاكِرَ مِنْ طَرِيقِ مُصْعَبِ بْنِ بِشْرٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَامَ رَجُلٌ إِلَى أَبِي مُسْلِمٍ وَهُوَ يَخْطُبُ، فَقَالَ: مَا هَذَا السَّوَادُ الَّذِي أَرَى عَلَيْكَ؟ فَقَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ» مَكَّةَ يَوْمَ الْفَتْحِ وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ. وَهَذِهِ ثِيَابُ الْهَيْبَةِ، وَثِيَابُ الدَّوْلَةِ. يَا غُلَامُ، اضْرِبْ عُنُقَهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>