للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَانَ يَسْتَقِي الْمَاءَ لِأَهْلِ الْكُوفَةِ عَلَى بَعِيرٍ لَهُ وَهُوَ شَيْخٌ كَبِيرٌ.

وَعِيدَانُ هَذَا، قَالَ ابْنُ مَاكُولَا وَالْخَطِيبُ: هُوَ بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَبَعْدَهَا يَاءٌ مُثَنَّاةٌ مِنْ تَحْتُ. وَقِيلَ: بِفَتْحِ الْعَيْنِ لَا كَسْرِهَا. فَاللَّهُ أَعْلَمُ.

كَانَ مَوْلِدُ الْمُتَنَبِّي بِالْكُوفَةِ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلَاثِمِائَةٍ، وَنَشَأَ بِالشَّامِ بِالْبَادِيَةِ، وَطَلَبَ الْأَدَبَ، فَفَاقَ أَهْلَ زَمَانِهِ فِيهِ، وَلَزِمَ جَنَابَ سَيْفِ الدَّوْلَةِ بْنِ حَمْدَانَ وَامْتَدَحَهُ وَحَظِيَ عِنْدَهُ، ثُمَّ صَارَ إِلَى مِصْرَ، فَامْتَدَحَ كَافُورًا الْإِخْشِيدِيَّ ثُمَّ هَجَاهُ، وَهَرَبَ مِنْهُ، وَوَرَدَ بَغْدَادَ فَامْتَدَحَ بَعْضَ أَهْلِهَا، وَقُرِئَ عَلَيْهِ دِيوَانُهُ فِيهَا.

وَقَدِمَ الْكُوفَةَ فَامْتَدَحَ ابْنَ الْعَمِيدِ، فَوَصَلَهُ مِنْ جِهَتِهِ ثَلَاثُونَ أَلْفَ دِينَارٍ، ثُمَّ سَارَ إِلَى فَارِسَ فَامْتَدَحَ عَضُدَ الدَّوْلَةِ بْنَ بُوَيْهِ، فَأَطْلَقَ لَهُ أَمْوَالًا جَزِيلَةً تُقَارِبُ مِائَتَيْ أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَقِيلَ: بَلْ حَصَلَ لَهُ نَحْوٌ مِنْ ثَلَاثِينَ أَلْفَ دِينَارٍ، ثُمَّ دَسَّ إِلَيْهِ مَنْ يَسْأَلُهُ: أَيُّمَا أَحْسَنُ ; عَطَايَا عَضُدِ الدَّوْلَةِ بْنِ بُوَيْهِ، أَوْ عَطَايَا سَيْفِ الدَّوْلَةِ بْنِ حَمْدَانَ؟ فَقَالَ: هَذِهِ أَجْزَلُ وَلَكِنَّ فِيهَا تَكَلُّفٌ، وَتِلْكَ أَقَلُّ وَلَكِنْ عَنْ طِيبِ نَفْسٍ مِنْ مُعْطِيهَا ; لِأَنَّهَا عَنْ طَبِيعَةٍ وَهَذِهِ عَنْ تَكَلُّفٍ. فَذُكِرَ ذَلِكَ لِعَضُدِ الدَّوْلَةِ، فَتَغَيَّظَ عَلَيْهِ، وَدَسَّ إِلَيْهِ طَائِفَةً مِنَ الْأَعْرَابِ، فَوَقَفُوا لَهُ فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ وَهُوَ رَاجِعٌ إِلَى بَغْدَادَ وَيُقَالُ: إِنَّهُ قَدْ كَانَ هَجَا مُقَدِّمَهُمُ ابْنَ فَاتَكٍ الْأَسَدِيَّ - وَقَدْ كَانُوا يَقْطَعُونَ الطَّرِيقَ - فَلِهَذَا أَوْعَزَ إِلَيْهِمْ عَضُدُ الدَّوْلَةِ أَنْ يَتَعَرَّضُوا لَهُ فَيَقْتُلُوهُ، وَيَأْخُذُوا مَا مَعَهُ مِنَ الْأَمْوَالِ، فَانْتَهَوْا إِلَيْهِ وَهُمْ سِتُّونَ رَاكِبًا فِي يَوْمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>