الْأَمْلَاكُ بِالدَّقِيقِ، وَأُكِلَتِ الْقِطَاطُ وَالْكِلَابُ وَالْمَيْتَاتُ وَالْجِيَفُ، وَتَمَاوَتَ النَّاسُ فِي الطُّرُقَاتِ، وَعَجَزُوا عَنِ التَّغْسِيلِ وَالتَّكْفِينِ وَالْإِقْبَارِ، فَكَانُوا يُلْقُونَ مَوْتَاهُمْ فِي الْآبَارِ، حَتَّى أَنْتَنَتِ الْمَدِينَةُ وَضَجِرَ النَّاسُ، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ.
وَفِي هَذِهِ الْأَيَّامِ تُوُفِّيَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ بْنُ الصَّلَاحِ شَيْخُ دَارِ الْحَدِيثِ وَغَيْرِهَا مِنَ الْمَدَارِسِ، فَمَا أُخْرِجَ مِنْ بَابِ الْفَرَجِ إِلَّا بِالْجُهْدِ الْجَهِيدِ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
قَالَ ابْنُ السِّبْطِ: وَمَعَ هَذَا كَانَتِ الْخُمُورُ دَائِرَةً وَالْفِسْقُ ظَاهِرًا، وَالْمُكُوسُ بِحَالِهَا.
وَذَكَرَ الشَّيْخُ شِهَابُ الدِّينِ أَنَّ الْأَسْعَارَ غَلَتْ فِي هَذِهِ السَّنَةِ جِدًّا، وَهَلَكَ الصَّعَالِيكُ بِالطُّرُقَاتِ; كَانُوا يَسْأَلُونَ لُقْمَةً، ثُمَّ صَارُوا يَسْأَلُونَ لُبَابَةً، ثُمَّ تَنَازَلُوا إِلَى فَلْسٍ يَشْتَرُونَ بِهِ نُخَالَةً يَبُلُّونَهَا وَيَأْكُلُونَهَا كَالدَّجَاجِ. قَالَ: وَأَنَا شَاهَدْتُ ذَلِكَ. وَذَكَرَ تَفَاصِيلَ الْأَسْعَارِ وَغَلَاءَهَا فِي الْأَطْعِمَةِ وَغَيْرِهَا، ثُمَّ زَالَ هَذَا كُلُّهُ فِي آخِرِ السَّنَةِ بَعْدَ عِيدِ الْأَضْحَى، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ.
وَلَمَّا بَلَغَ الصَّالِحَ أَيُّوبَ أَنَّ الْخُوَارَزْمِيَّةَ قَدْ مَالَئُوا عَلَيْهِ، وَصَالَحُوا عَمَّهُ الصَّالِحَ إِسْمَاعِيلَ، كَاتَبَ الْمَلِكَ الْمَنْصُورَ إِبْرَاهِيمَ بْنَ أَسَدِ الدِّينِ شِيرْكُوهْ صَاحِبَ حِمْصَ، فَاسْتَمَالَهُ إِلَيْهِ، وَقَوِيَ جَانِبُ نَائِبِ دِمَشْقَ مُعِينِ الدِّينِ حَسَنِ بْنِ الشَّيْخِ، وَلَكِنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute