للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْغَلَّابِيُّ، ثَنَا مُحَمَّدٌ يَعْنِي ابْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عَطَاءٍ يَعْنِي ابْنَ مُصْعَبٍ عَنْ عَاصِمٍ قَالَ: خَطَبَ الْحَجَّاجُ أَهْلَ الْعِرَاقِ بَعْدَ دَيْرِ الْجَمَاجِمِ فَقَالَ: يَا أَهْلَ الْعِرَاقِ، إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدِ اسْتَبْطَنَكُمْ فَخَالَطَ اللَّحْمَ وَالدَّمَ وَالْعَصَبَ وَالْمَسَامِعَ وَالْأَطْرَافَ ثُمَّ أَفْضَى إِلَى الْأَسْمَاخِ وَالْأَمْخَاخِ وَالْأَشْبَاحِ وَالْأَرْوَاحِ، ثُمَّ ارْتَفَعَ فَعَشَّشَ، ثُمَّ بَاضَ وَفَرَّخَ، ثُمَّ دَبَّ وَدَرَجَ، فَحَشَاكُمْ نِفَاقًا وَشِقَاقًا، وَأَشْعَرَكُمْ خِلَافًا، اتَّخَذْتُمُوهُ دَلِيلًا تَتَّبِعُونَهُ، وَقَائِدًا تُطِيعُونَهُ، وَمُؤَامِرًا تُشَاوِرُونَهُ وَتَسْتَأْمِرُونَهُ، فَكَيْفَ تَنْفَعُكُمْ تَجْرِبَةٌ أَوْ يَنْفَعُكُمْ بَيَانٌ؟ أَلَسْتُمْ أَصْحَابِي بِالْأَهْوَازِ حَيْثُ رُمْتُمُ الْمَكْرَ وَأَجْمَعْتُمْ عَلَى الْكُفْرِ، وَظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ يَخْذُلُ دِينَهُ وَخِلَافَتَهُ؟ وَأَنَا أَرْمِيكُمْ بِطَرْفِي وَأَنْتُمْ تَتَسَلَّلُونَ لِوَاذًا، وَتَنْهَزِمُونَ سِرَاعًا. يَوْمُ الزَّاوِيَةِ وَمَا يَوْمُ الزَّاوِيَةِ؟ مِمَّا كَانَ مِنْ فَشَلِكُمْ وَتَنَازُعِكُمْ وَتَخَاذُلِكُمْ وَبَرَاءَةِ اللَّهِ مِنْكُمْ وَنُكُوسِ قُلُوبِكُمْ; إِذْ وَلَّيْتُمْ كَالْإِبِلِ الشَّارِدَةِ عَنْ أَوْطَانِهَا النَّوَازِعِ، لَا يَسْأَلُ الْمَرْءُ عَنْ أَخِيهِ، وَلَا يَلْوِي الشَّيْخُ عَلَى بَنِيهِ حِينَ عَضَّكُمُ السِّلَاحُ وَنَخَسَتْكُمُ الرِّمَاحُ. يَوْمُ دَيْرِ الْجَمَاجِمِ وَمَا يَوْمُ دَيْرِ الْجَمَاجِمِ! بِهَا كَانَتِ الْمَعَارِكُ وَالْمَلَاحِمُ، بِضَرْبٍ يُزِيلُ الْهَامَ عَنْ مَقِيلِهِ، وَيُذْهِلُ الْخَلِيلَ عَنْ خَلِيلِهِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>