للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْكَامِلُ مِصْرَ، فَلَمْ يَقَعْ مِمَّا ظَنَّهُ شَيْءٌ، وَهَرَبَ مِنْهُ ابْنُ الْمَشْطُوبِ إِلَى الشَّامِ، ثُمَّ رَكِبَ مِنْ فَوْرِهِ فِي الْجَيْشِ إِلَى الْفِرِنْجِ، فَإِذَا الْأَمْرُ قَدْ تَزَايَدَ وَقَدْ تَمَكَّنُوا هُنَالِكَ مِنَ الْبُلْدَانِ، وَقَتَلُوا خَلْقًا، وَغَنِمُوا شَيْئًا كَثِيرًا، وَعَاثَتْ هُنَاكَ الْأَعْرَابُ عَلَى أَمْوَالِ النَّاسِ بِبِلَادِ دِمْيَاطَ، فَكَانُوا أَضَرَّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مِنَ الْفِرِنْجِ، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، فَنَزَلَ الْكَامِلُ تُجَاهَهُمْ يُمَانِعُهُمْ عَنْ دُخُولِهِمْ إِلَى الْقَاهِرَةِ وَمِصْرِهِمْ بَعْدَ أَنْ كَانَ يُمَانِعُهُمْ عَنْ دُخُولِ الثَّغْرِ; وَكَتَبَ إِلَى إِخْوَتِهِ يَسْتَحِثُّهُمْ وَيَسْتَنْجِدُ بِهِمْ، وَيَقُولُ: الْوَحَاءَ الْوَحَاءَ، الْعَجَلَ الْعَجَلَ، أَدْرِكُوا الْمُسْلِمِينَ قَبْلَ أَنْ تَمْلِكَ الْفِرِنْجُ جَمِيعَ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ، فَأَقْبَلَتِ الْعَسَاكِرُ الْإِسْلَامِيَّةُ إِلَيْهِ عِنْدَ ذَلِكَ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ، وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ قَدِمَ عَلَيْهِ أَخُوهُ الْأَشْرَفُ مُوسَى صَاحِبُ الْجَزِيرَةِ، بَيَّضَ اللَّهُ وَجْهَهُ، ثُمَّ الْمُعَظَّمُ، وَكَانَ مِنْ أَمْرِهِمْ مَعَ الْفِرِنْجِ مَا سَنَذْكُرُ بَعْدَ هَذِهِ السَّنَةِ.

وَفِيهَا وَلِيَ حِسْبَةَ بَغْدَادَ الصَّاحِبُ مُحْيِي الدِّينِ يُوسُفُ بْنُ الشَّيْخِ أَبِي الْفَرَجِ بْنِ الْجَوْزِيِّ، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ يَعْمَلُ مِيعَادَ الْوَعْظِ عَلَى قَاعِدَةِ أَبِيهِ، وَشُكِرَتْ مُبَاشَرَتُهُ لِلْحِسْبَةِ.

وَفِيهَا فُوِّضَ إِلَى الْمُعَظَّمِ النَّظَرُ فِي التُّرْبَةِ الْبَدْرِيَّةِ تُجَاهَ الشِّبْلِيَّةِ عِنْدَ الْجِسْرِ الَّذِي عَلَى ثَوْرَا، وَيُقَالُ لَهُ: جِسْرُ كُحَيْلٍ، وَهِيَ مَنْسُوبَةٌ إِلَى بَدْرِ الدِّينِ حَسَنِ بْنِ الدَّايَةِ، كَانَ هُوَ وَإِخْوَتُهُ مِنْ أَكَابِرِ أُمَرَاءِ نُورِ الدِّينِ مَحْمُودِ بْنِ زَنْكِيٍّ.

قُلْتُ: وَقَدْ جُعِلَتْ فِي حُدُودِ الْأَرْبَعِينَ وَسِتِّمِائَةٍ جَامِعًا فِيهِ خُطْبَةُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.

وَفِيهَا أَرْسَلَ السُّلْطَانُ عَلَاءُ الدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ تِكِشٍ إِلَى الْمَلِكِ الْعَادِلِ وَهُوَ مُخَيِّمٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>