وَالزُّبَيْرُ إِلَى عُثْمَانَ بْنِ حُنَيْفٍ أَنْ يَخْرُجَ إِلَيْهِمَا فَأَبَى. فَجَمَعَا الرِّجَالَ فِي لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ وَشَهِدَ بِهِمْ صَلَاةَ الْعِشَاءِ فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ، وَلَمْ يَخْرُجْ عُثْمَانُ بْنُ حُنَيْفٍ تِلْكَ اللَّيْلَةَ، فَصَلَّى بِالنَّاسِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَتَّابِ بْنِ أَسِيدٍ، وَوَقَعَ مِنْ رِعَاعِ النَّاسِ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ كَلَامٌ وَضَرْبٌ، فَقُتِلَ مِنْهُمْ نَحْوٌ مَنْ أَرْبَعِينَ رَجُلًا، وَدَخَلَ النَّاسُ عَلَى عُثْمَانَ بْنِ حُنَيْفٍ قَصْرَهُ، فَأَخْرَجُوهُ إِلَى طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ، وَلَمْ يَبْقَ فِي وَجْهِهِ شَعْرَةٌ إِلَّا نَتَفُوهَا، فَاسْتَعْظَمَا ذَلِكَ وَبَعَثَا إِلَى عَائِشَةَ فَأَعْلَمَاهَا الْخَبَرَ، فَأَمَرَتْ أَنْ تُخَلَّى سَبِيلُهُ، فَأَطْلَقُوهُ وَوَلَّوْا عَلَى بَيْتِ الْمَالِ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ، وَقَسَّمَ طَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ أَمْوَالَ بَيْتِ الْمَالِ فِي النَّاسِ، وَفَضَّلُوا أَهْلَ الطَّاعَةِ، وَأَكَبَّ عَلَيْهِمُ النَّاسُ يَأْخُذُونَ أَرْزَاقَهُمْ، وَأَخَذُوا الْحَرَسَ، وَاسْتَبَدُّوا بِالْأَمْرِ فِي الْبَصْرَةِ، فَحَمِيَ لِذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنْ قَوْمِ قَتَلَةِ عُثْمَانَ وَأَنْصَارِهِمْ، فَرَكِبُوا فِي جَيْشٍ قَرِيبٍ مِنْ ثَلَاثِمِائَةٍ، وَمُقَدَّمُهُمْ حُكَيْمُ بْنُ جَبَلَةَ، وَهُوَ أَحَدُ مَنْ بَاشَرَ قَتْلَ عُثْمَانَ، فَبَارَزُوا وَقَاتَلُوا، فَضَرَبَ رَجُلٌ رِجْلَ حُكَيْمِ بْنِ جَبَلَةَ فَقَطَعَهَا، فَزَحَفَ حَتَّى أَخَذَهَا وَضَرَبَ بِهَا ضَارِبَهُ فَقَتَلَهُ ثُمَّ أَتَّكَأَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ يَقُولُ:
يَا سَاقُ لَنْ تُرَاعِى ... إِنَّ مَعِي ذِرَاعِي
أَحْمِي بِهَا كُرَاعِي
وَقَالَ أَيْضًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute