أخذ سحنون من بن وهب مغازيه إجازة وكان العلم في صدر سحنون كسورة من القرآن من حفظه وقال سحنون: إني حفظت هذه الكتب حتى صارت في صدري كأم القرآن وقال بن القاسم: إن أسعد أحد - بهذه الكتب - لسحنون. وقال بن وضاح: كان سحنون يروي تسعة وعشرين سماعاً وما رأيت في الفقه مثل سحنون بالمشرق.
وقال بن حارث: قدم سحنون بمذهب مالك واجتمع له مع ذلك فضل الدين والعقل والورع والعفاف والانقباض فبارك الله فيه للمسلمين فمالت إليه الوجوه وأحبته القلوب وصار زمانه كأنه مبتدأ قد انمحى ما قبله فكان أصحابه سرج أهل القيروان وأنبه علمائها وأكثرهم تأليفاً وابن عبدوس فقيهها وابن غافق عاقلها. وابن عمر حافظها وجبلة زاهدها وحمديس أصلبهم في السنة وأعداهم للبدعة وسعيد بن الحداد لسانها وفصيحها وابن مسكين أرواهم للكتب والحديث وأشدهم وقاراً وتصاوناً كل هذه الصفات مقصورة على وقتهم.
قال محمد بن سحنون قال أبي: إذا أردت الحج فاقدم طرابلس