وكان يضرب الخصوم إذا أذى بعضهم بعضاً بكلام أو تعرضوا للشهود ويقول: إذا تعرض للشهود كيف يشهدون؟ ويؤدب الخصم إن طعن على الشاهد بعيب أو تجريح أو يقول: سل لي عن البينة إنهم كذا حتى يسئله عن تجريحه ويقول للخصم: أنا أغنى بذلك منك وهو علي دونك.
وكان إذا دخل عليه الشاهد - ورعب منه - أعرض عنه حتى يستأنس وتذهب روعته فإن طال ذلك به هون عليه وقال له: ليس معي سوط ولا عصاً ولا عليك بأس أد ما علمت ودع ما لم تعلم.
وكان يؤدب الناس على الأيمان التي لا تجوز من الطلاق والعتق حتى لا يحلفوا بغير الله عز وجل. وتخاصم إليه رجلان صالحان من أصحابه ممن نظر في العلم فأقامهما وأبى أن يسمع منهما وقال: استرا عني ما ستر الله عليكما. وكان يؤدب على الغش وينفي من الأسواق من يستحق ذلك وكان يجلس في بيت في الجامع بناه لنفسه إذا رأى كثرة الناس وكثرة كلامهم فكان لا يحضر عنده غير الخصمين ومن يشهد بينهما في دعواهما وسائر الناس عنه بمعزل لا يراهم ولا يسمع كلامهم ولا يشغل باله أمرهم.
وكان الناس يكتبون أسماءهم في رقاع تجعل بين يديه ويدعوهم