مالك من عبد المنعم بن الفرس بعد أبي عبد الله بن زرقون. وبيته عريق في العلم والنباهة ولأبيه وجده رواية وجلالة. كان كل واحد منهم فقيهاً مشاوراً عالماً متفنناً وألف كتاباً في أحكام القرآن جليل الفائدة من أحسن ما وضع في ذلك وله في الأبنية مجموع حسن. حدث عنه جلة من شيوخنا وأكابر أصحابنا وغيرهم.
وذكره أبو عبد الله التجيبي - في مشيخته - وقال: لقيته بمرسية في سنة ست وستين وخمسمائة - وقت رحلتي إلى أبيه ورأيت من حفظه وذكائه وتفننه في العلوم فأعجبت منه وكان يحضر معنا التدريس والإلقاء عند أبيه فإذا تكلم أنصت الحاضرون لجودة ما ينصه ولإتقانه واستيفائه بجميع ما يجب أن يذكر في الوقت. وكان نحيف الجسم كثيف المعرفة وفي مثله يقول بعضهم:
إذا كان الفتى ضخم المعالي ... فليس يضره الجسم النحيل
تراه من الذكاء نحيف جسم ... عليه من توقده دليل
وكان شاعراً وأنشدني كثيراً من شعره واضطرب في روايته قبل موته بيسير لاختلال أصابه من علة خدر طاولته فترك الأخذ عنه إلى أن توفي وهو على تلك الحال - عند صلاة العصر يوم الأحد الرابع من جمادى الأخيرة - سنة تسع وتسعين وخمسمائة ودفن خارج باب إلبيرة وحضر جنازته بشر كثير وكسر الناس نعشه وتقسموه.