وكان مشاوراً في أيام الأمير عبد الله مع عبيد الله بن يحيى وطبقته ثم انفرد بالفتيا مع صاحبه أبي صالح: أيوب بن سليمان وكانا متواخيين وكان أبو صالح يقدمه على نفسه ثم انفرد بعد موت أبي صالح سنين عدة فلم يشركه أحد في الرياسة والقيام بالفتيا ولم يكن له رحلة. وكان ممن برع في الحفظ للرأي ودارت عليه الأحكام نحواً من ستين سنة وناظر قاسم بن محمد. قال أبو الوليد الباجي: بن لبابة فقيه الأندلس. قال الصدفي: كان محمد بن لبابة من أهل الحفظ للفقه والفهم به أفقه الناس وأعرفهم باختلاف أصحاب مالك وعمر وشاهد القضايا والأحكام مع تمييز وإدراك لم يكن ذلك لأحد ممن رأينا وشاهدنا مع نزاهة نفس وتصاون ومروءة كاملة وديانة وتلاوة للقرآن وحفظ للشعر وفصاحة وأخلاق حسنة وتقشف في ملبسه وتواضع وكان يختم القرآن في رمضان ستين ختمة وكان يفتي بوجوب اليمين دون غلظة ولا يرى جواز شهادة الشاهد مع أبيه وخولف في ذلك وبجوازها أفتى أكثر الشيوخ.
وكان مأموناً ثقة حافظاً لأخبار الأندلس له حظ من النحو والخبر والشعر. قال بن سهل: ولما ذكر بن لبابة ذهاب العلم وأهله ومن صار في الشورى تمثل البيتين: