وكان يأبى من الإسماع إلى أن توفي أصحابه فجلس للناس قبل وفاته بثلاثة أعوام فسمع منه عالم كثير. وكان ضرورة لا يطأ النساء ولم يتداو قط ولا احتجم وكان من علماء الناس وخيارهم من أهل العلم الواسع والفضل البارع معدوداً في النساك والصالحين.
وكان لا يرى أن يسمى طالب العلم فقيهاً حتى يكتهل ويكمل سنه ويقوى نظره ويبرع في حفظ الرأي ورواية الحديث ويتميز فيه ويعرف طبقات رجاله ويحكم عقد الوثائق ويعرف عللها ويطالع الاختلاف ويعرف مذاهب العلماء والتفسير ومعاني القرآن فحينئذ يستحق أن يسمى فقيهاً وإلا فاسم الطالب أليق به إلى أن يلحق بهذه الدرجة ودعاء الداعي له باسم الفقيه: سخرية.
وكان ناحل الجسم قاصح الجلد لا يتألم من عض البراغيث ويعجب ممن يقلق منها. وكان كثير الصلاة والصيام عابداً مجتهداً وعمر. مولده سنة ثمان وثمانين ومائتين وتوفي سنة اثنين وسبعين وثلاثمائة.