وكان آخر المشتغلين من شيوخ إفريقية بتحقيق الفقه ورتبة الاجتهاد ودقة النظر.
أخذ عن اللخمي وأبي محمد: عبد الحميد السوسي وغيرهما من شيوخ إفريقية ودرس أصول الفقه والدين وتقدم في ذلك فجاء سابقاً لم يكن في عصره للمالكية في أقطار الأرض في وقته أفقه منه ولا أقوم لمذهبهم وسمع الحديث وطالع معانيه واطلع على علوم كثيرة من الطب والحساب والأدب وغير ذلك فكان أحد رجال الكمال في وقته في العلم وإليه كان يفزع في الفتوى في الطلب في بلده كما يفزع إليه في الفتيا في الفقه.
يحكى أن سبب قراءته للطب ونظره فيه: أنه مرض فكان يطبه يهودي فقال له اليهودي يوماً يا سيدي مثلى بطب مثلكم؟ وأي قربة أجدها أتقرب بها في ديني مثل أن أفقدكم للمسلمين؟ فمن حينئذ نظر في الطب. وكان رحمه الله تعالى حسن الخلق مليح المجلس أنيسه كثير الحكايات وإنشاد قطع الشعر وكان قلمه في العلم أبلغ من لسانه.
وألف في الفقه والأصول وشرح كتاب مسلم وكتاب التلقين للقاضي أبي محمد: عبد الوهاب وليس للمالكية كتاب مثله ولم يبلغنا أنه أكمله وشرح البرهان لأبي المعالي الجويني وسماه: إيضاح المحصول من برهان الأصول.
وذكر الشيخ الحافظ النحوي أبو العباس: أحمد بن الفهري اللبلي في مشيخة شيخه التجيبي: أن من شيوخه أبا عبد الله المازري وأن من تآليفه