العبادية أصحاب إشبيلية رياسة ومكانة فلما انقضت دولتهم خرج إلى الحج مع ابنه القاضي أبي بكر يوم الأحد مستهل ربيع الأول سنة خمس وثمانين وأربعمائة وسن القاضي أبو بكر إذ ذاك نحو سبعة عشر عاماً وكان القاضي قد تأدب ببلده وقرأ القراءات فلقي بمصر أبا الحسن الخلعي وأبا الحسن بن مشرف ومهدياً الوراق وأبا الحسن بن داود الفارسي ولقي بالشام أبا نصر المقدسي وأبا سعيد الزنجاني وأبا حامد الغزالي وأبا سعيد الرهاوي وأبا القاسم بن أبي الحسن المقدسي والإمام أبا بكر الطرطوشي وأبا محمد: هبة الله بن أحمد الأكفاني وأبا الفضل بن الفرات الدمشقي ودخل بغداد وسمع بها من أبي الحسن المبارك بن عبد الجبار الصيرفي المعروف بابن الطيوري ومن أبي الحسن: علي بن أيوب البزازي بزايين معجمتين ومن أبي بكر بن طرخان ومن النقيب الشريف أبي الفوارس طراد بن محمد الزينبي وجعفر بن أحمد السراج وأبي الحسن بن عبد القادر وأبي زكريا التبريزي وأبي المعالي: ثابت بن بندار الحمامي - بتخفيف الميم في آخرين.
وحج في موسم سنة تسع وثمانين وسمع بمكة من أبي علي: الحسين بن علي الطبري وغيره ثم عاد إلى بغداد ثانية وصحب أبا بكر الشاشي وأبا حامد الطوسي وأبا بكر الطرطوشي وغيرهم من العلماء والأدباء فدرس عندهم الفقه والأصول وقيد الحديث واتسع في الرواية وأتقن مسائل الخلاف والأصول والكلام على أئمة هذا الشأن من هؤلاء وغيرهم ثم صدر عن بغداد إلى الأندلس فأقام بالإسكندرية عند أبي بكر الطرطوشي فمات أبوه بها أول سنة ثلاث وتسعين.