ما جالست سفيهاً قط. وهذا أمر لم يسلم منه غيره ولا في فضائل العلماء أجل من هذا. وذكر يوماً شيئاً فقيل له: من حدثك بهذا؟ فقال: إنا لم نجالس السفهاء.
وكان أعظم الخلق مروءة وأكثرهم سمتاً كثير الصمت قليل الكلام متحفظاً بلسانه من أشد الناس مداراة للناس واستعمالاً للإنصاف وكان يقول في الإنصاف: لم أجد في الناس أقل منه فأردت المداومة عليه.
وكان إذا أصبح لبس ثيابه وتعمم ولا يراه أحد من أهله ولا أصدقائه إلا كذلك وما أكل قط ولا شرب حيث يراه الناس ولا يضحك ولا يتكلم فيما لا يعنيه.
وكان من أحسن الناس خلقاً مع أهله وولده ويقول: في ذلك مرضاة لربك ومثراة في مالك ومنسأة في أجلك وقد بلغني ذلك عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال عبد الله بن عبد الحكم: هيأ مالك دعوة للطلبة وكنت فيهم فمضينا إلى داره فلما دخلنا قال: هذا المستراح وهذا الماء ثم دخلنا البيت فلم يدخل معنا ودخل بعد ذلك فأتينا بالطعام ولم يؤت بالماء قبله لغسل أيدينا ثم أتى بعده فلما خرج الناس سألته فقال: أما إعلامي بالمستراح والماء فإنما دعوتكم لأبركم ولعل أحدكم يصيبه بول أو غيره فلا يدري أين يذهب.