للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

مرسل لا مدلس. والتحقيق فيه التفصيل، وهو أن من ذُكر بالتدليس أو الإرسال إذا ذكر بالصيغة الموهمة عمن لقيه فهو تدليس، أو عمن أدركه ولم يلقه فهو المرسل الخفي، أو عمن لم يدركه فهو مطلق الإرسال (١).

وقد تبع السخاوي الحافظ ابن حجر في إطلاق التدليس على رواية الراوي عمن سمع منه مالم يسمع منه، وعدم إطلاقه على رواية الراوي عمن عاصره ولم يلقه وإطلاق ذلك على الإرسال الخفي (٢).

قلت: الراجح عندي أن التدليس يُطلق على رواية الراوي عمن سمع منه ما لم يسمع منه، وُيطلق أيضًا على رواية الراوي عمن عاصره ولم يلقه بلفظ موهم كـ " عن "أو" "قال".

أما رواية الراوي عمن عاصره ولم يلقه بلفظ غير موهم كـ "أُخبرت عن" أو" حُدثت عن "أو" بلغني عن "فهذا يُسمى إرسالًا ولا يُسمى تدليسًا.

وكذلك يُطلق الإرسال على رواية الراوي عمن لم يدركه.

وأكثر الأئمة المتقدمون أطلقوا التدليس على رواية الراوي عمن عاصره ولم يلقه بلفظ موهم، كما أطلقوه على رواية الراوي عمن سمع منه ما لم يسمع منه.

وإليك الأدلة عنى أن المتقدمين كانوا يسمون رواية الراوي عمن أدركه ولم يسمع منه بلفظ موهم تدليسًا.

قال الخلال: قال مهنا: قلت لأحمد ويحيى: حدثوني عن عبد المجيد بن أبي رواد، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لكل أمة فرعون، وفرعون هذه الأمة معاوية بن أبي سفيان"؟ فقالا جميعًا: ليس بصحيح، وليس يعرف هذا الحديث من أحاديث عبيد الله، ولم يسمع عبد المجيد بن أبي رواد من عبيد الله شيئًا، ينبغي أن يكون دلسه، سمعه من إنسان


(١) "النكت على كتاب ابن الصلاح" (٢/ ٦١٤، ٦١٥، ٦٢٣).
(٢) "فتح المغيث" (١/ ٢٠٨ - ٢١٠).

<<  <   >  >>