للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال الشيخ الشريف حاتم بن عارف العوني حفظه الله أيضًا: وبما أنه قد ثبت عن بعض الأئمة المتقدمين، أن وصفهم الحسن بالتدليس إنما هو لروايته عمن عاصره ولم يسمع منهم، وجب حمل وصف النسائي بالتدليس عليه أيضًا. لأن الأئمة وخاصة المتقدمين منهم، إنما يردون -في الغالب- موردًا واحدًا، ويصدرون عن مصدر واحد، وبعضهم مرآة بعض، وكلامهم يخرج من مشكاة واحدة. فإجمال بعضهم يبينه بيان بعض، وإطلاق الواحد منهم يقيده تقييد غيره وعموم كلام الإمام يُخصصه تخصيص أخيه.

وقد سبق عن ابن أبي حاتم، أنه ذكر قولين لابن معين في راوٍ واحد، فقال معقبًا على ذلك: "اختلفت الرواية عن يحيى بن معين في: المبارك بن فضالة، والربيع بن صبيح، وأولاهما أن يكون مقبولًا منهما محفوظًا عن يحيى، ما وافق أحمد وسائر نظرائه" (١).

فهذه قاعدة حسنة في حمل كلام الأئمة بعضه على بعض، ما دام يحتمل ذلك. لذلك حمل وصف النسائي للحسن بالتدليس، على أنه تدليس: (رواية المعاصر عمن لم يلقه)، هو المحمل الصحيح، الذى ينبغي حمل وصف النسائي عليه (٢).

قلت: الذي يظهر لي أن الحسن البصري لا يصح وصفه بالتدليس إلا عن سمرة ابن جندب، فإنه لم يسمع من سمرة إلا حديث العقيقة (٣)، ودلس عنه باقي الأحاديث. ولعل وصف النسائي له بالتدليس كان خاصًا بروايته عن سمرة.

قال النسائي: الحسن عن سمرة كتابًا، ولم يسمع الحسن من سمرة إلا حديث


(١) "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم (٨/ ٣٣٩).
(٢) "المرسل الخفي" (١/ ٤٩٤ - ٤٩٥).
(٣) انظر تفصيل ذلك في ترجمة (الحسن البصري) من كتابي "إكمال جامع التحصيل في ذكر رواة المراسيل".

<<  <   >  >>