للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال ابن الأثير (ت ٦٠٦ هـ) في مقدمة كتابه" جامع الأصول في أحاديث الرسول" متكلمًا على التدليس: "رواية المدلسين إذا لم يذكروا سماعهم في الرِّواية فيقولون: قال فلان، ممن هو معاصرهم، رأوه أو لم يروه، ولا يكن لهم عنه سماع أو إجازة، ولا طريق من الرِّواية … إلى آخر كلامه" (١).

قلت: فإذا كان أحمد وابن معين وابن نمير والبخاري ويعقوب بن شيبة ويعقوب بن سفيان والعجلي وأبو جعفر النحاس وابن عدي وابن حبان والدارقطني والحاكم والخليلي وابن الأثير قد سموا رواية الراوي عمن عاصره ولم يلقه بلفظ موهم تدليسًا، فمن القوم بعدهم؟!

والخطيب البغدادي نفسه أطلق التدليس على رواية الراوي عمن عاصره بلفظ موهم، فقال في "تاريخ بغداد" (٨/ ٢٣٥): حجاج بن أرطاة كان مدلسًا، يروي عمن لم يلقه. فحجاج بن أرطأة عاصر الزهري وغيره، ولكنه لم يسمع منهم، وروى عنهم بصيغة موهمة كالعنعنة، ولم يبين أنه لم يسمع منهم (٢)، فوصفه الخطيب البغدادي بالتدليس لذلك.

وقال الخطيب البغدادي في "الكفاية" (صـ ٥١١ - ٥١٢): ذكر شيء من أخبار بعض المدلسين. ثم ذكر بإسناده قول أحمد: لم يسمع سعيد بن أبي عروبة من الحكم بن عتيبة شيئًا، ولا من حماد، ولا من عمرو بن دينار، ولا من هشام ابن عروة، ولا من إسماعيل بن أبي خالد، ولا من عبيد الله بن عمر، ولا من أبي بشر، ولا من زيد بن أسلم، ولا من أبي الزناد، وقد حدث عن هؤلاء كلهم ولم يسمع منهم.


(١) "جامع الأصول" (١/ ١٦٧). نقلًا عن كتاب "المرسل الخفي" (١/ ١٢٤) للشيخ الشريف حاتم بن عارف العوني حفظه الله.
(٢) انظر ترجمة (حجاج بن أرطأة) من كتابي "إكمال جامع التحصيل في ذكر رواة المراسيل".

<<  <   >  >>